فقال ابن ذي يزن: والبيت ذي الحجب، والعلامات على النصب، إنك يا عبد المطلب لجده غير كذب.
قال: فخر عبد المطلب ساجدا، فقال له: إرفع رأسك ثلج صدرك، وعلا أمرك، فهل أحسست شيئا مما ذكرته؟
فقال: كان لي ابن وكنت به معجبا وعليه رفيقا، فزوجته كريمة من كرائم قومي آمنة بنت وهب، فجاءت بغلام فسميته محمدا، مات أبوه وأمه وكفلته عمه.
قال ابن ذي يزن: إن الذي قلت لك كما قلت لك، فاحتفظ بابنك، واحذر عليه اليهود فإنهم له أعداء ولن يجعل الله لهم عليه سبيلا، واطو ما ذكرت لك دون هؤلاء الرهط الذي معك فإني لست آمن أن تدخلهم النفاسة من أن تكون له الرئاسة، فيطلبون له الغوائل وينصبون له الحبائل، وإنهم فاعلون ذلك أو أبناؤهم غير شك، ولولا أني أعلم أن الموت مجتاحي قبل مبعثه لسرت بخيلي ورجلي حتى أصير بيثرب دار ملكه، فإني أجد في الكتاب الناطق والعلم السابق أن يثرب دار ملكه، فيها استحكام أمره، وأهل نصرته، وموضع قبره، ولولا أني أخاف فيه الآفات، وأحذر عليه العاهات، لأعلنت على حداثة سنه أمره في هذا الوقت، ولأوطأت أسنان العرب عقبه، ولكني سأصرف ذلك إليك عن غير تقصير مني بمن معك.
قال: ثم أمر لكل رجل من القوم بعشرة أعبد وعشر إماء وحلتين من البرود ومائة من الإبل وخمسة أرطال ذهب وعشرة أرطال فضعة وكرش مملوءة عنبرا.
قال: وأمر لمعبد المطلب بعشرة أضعاف ذلك، وقال: إذا حال الحول فائتني. فمات ابن ذي يزن قبل أن يحول الحول.
قال: فكان عبد المطلب كثيرا ما يقول: يا معشر قريش لا يغبطني رجل