سفيان بن الحارث ممسك بسرجه عند ثفر (1) بغلته، وأمير المؤمنين عليه السلام بين يديه بالسيف، ونوفل بن الحارث، وربيعة بن الحارث، وعبد الله ابن الزبير بن عبد المطلب، وعتبة ومعتب ابنا أبي لهب حوله.
ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هزيمة القوم عنه قال للعباس وكان جهوريا صيتا: (ناد في القوم وذكرهم العهد) فنادى العباس بأعلى صوته: يا أهل بيعة الشجرة، يا أصحاب سورة البقرة إلى أين تفرون؟!
اذكروا العهد الذي عاهدكم عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
فلم يسمعها أحد إلا رمى بنفسه الأرض، وانحدروا حتى لحقوا بالعدو، وأقبل رجل من هوازن على جمل له أحمر، بيده راية سوداء وهو يرتجز:
أنا أبو جرول لا براح * حتى نبيح القوم أو نباح فصمد له أمير المؤمنين فضرب عجز بعيره فصرعه، ثم ضربه فقطره (2) وكانت هزيمة المشركين بقتل أبي جرول ولما قتله وضع المسلمون سيوفهم فيهم وأمير المؤمنين عليه السلام يقدمهم حتى قتل أربعين رجلا من القوم، ثم كانت الهزيمة والأسر حينئذ (3).
ولما قسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غنائم حنين أقبل رجل طوال أدم، بين عينيه أثر السجود فسلم ولم يخص النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال: قد رأيتك وما صنعت في هذه الغنائم.
فقال: (وكيف رأيت؟) قال: لم أرك عدلت!!