استقبلهم أمير المؤمنين عليه السلام فدفعهم عنه حتى انقطع سيفه، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الهزيمة كشف البيضة عن رأسه وقال:
(إلي أنا رسول الله، إلى أين تفرون عن الله وعن رسوله)؟!!
وثاب إليه من أصحابه المنهزمين أربعة عشر رجلا، منهم: طلحة بن عبيد الله وعاصم بن ثابت، وصعد الباقون الجبل، وصاح صائح بالمدينة:
قتل رسول الله، فانخلعت القلوب لذلك، وتحير المنهزمون فأخذوا يمينا وشمالا.
وروى عكرمة قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: (لما انهزم الناس يوم أحد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لحقني من الجزع عليه ما لم أملك نفسي، وكنت أمامه أضرب بسيفي بين يديه، فرجعت أطلبه فلم أره فقلت: ما كان رسول الله ليفر وما رأيته في القتلى فأظنه رفع من بيننا، فكسرت جفن سيفي وقلت في نفسي: لأقتلن به عنه حتى اقتل، وحملت على القوم فأفرجوا فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد وقع على الأرض مغشيا عليه، فقمت على رأسه فنظر إلي فقال: ما صنع الناس يا علي؟ فقلت: كفروا يا رسول الله وولوا الدبر وأسلموك، فنظر إلى كتيبة قد أقبلت فقال صلى الله عليه وآله وسلم: رد عني يا علي هذه الكتيبة، فحملت عليها بسيفي أضربها يمينا وشمالا حتى ولوا الأدبار فقال لي النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أما تسمع مديحك في السماء، أن ملكا يقال له: رضوان ينادي: (لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي) فبكيت سرورا وحمدت الله على نعمه).
وتراجع المنهزمون من المسلمين إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وانصرف المشركون إلى مكة، وانصرف النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة فاستقبلته فاطمة عليها السلام ومعها إناء فيه ماء فغسلت به وجهه