قالوا: لقد كان هذا، ضل جمل لنا، في موضع كذا وكذا، ووضعنا ماء فأصبحنا وقد أريق الماء. فلم يزدهم ذلك إلا عتوا.
فاجتمعوا في دار الندوة وكتبوا بينهم صحيفة أن لا يواكلوا بني هاشم ولا يكلموهم ولا يبايعوهم ولا يزوجوهم ولا يتزوجوا إليهم ولا يحضروا معهم حتى يدفعوا محمدا إليهم فيقتلونه، وأنهم يد واحدة على محمد صلى الله عليه وآله وسلم ليقتلوه غيلة أو صراحا.
فلما بلغ ذلك أبا طالب جمع بني هاشم ودخل الشعب، وكانوا أربعين رجلا، فحلف لهم أبو طالب بالكعبة والحرم والركن والمقام لئن شاكت محمدا شوكة لآتين عليكم يا بني هاشم.
وحصن الشعب، وكان يحرسه بالليل والنهار، فإذا جاء الليل يقوم بالسيف عليه ورسول الله مضطجع ثم يقيمه ويضجعه في موضع آخر، فلا يزال الليل كله هكذا، ويوكل ولده وولد أخيه به يحرسونه بالنهار، وأصابهم الجهد، وكان من دخل من العرب مكة لا يجسر أن يبيع من بني هاشم شيئا، ومن باع منهم شيئا انتهبوا ماله.
وكان أبو جهل، والعاص بن وائل السهمي، والنضر بن الحارث بن كلدة، وعقبة بن أبي معيط يخرجون إلى الطرقات التي تدخل مكة، فمن رأوه معه ميرة (1) نهوه أن يبيع من بني هاشم شيئا، ويحذروه إن باع شيئا منهم أن ينهبوا ماله.
وكانت خديجة لها مال كثير فأنفقته على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ي الشعب.
ولم يدخل في حلف الصحيفة مطعم بن عدي بن نوفل بن