يدعوهم ويحذرهم، فكان من سمع من خبره ما سمع من أهل الكتب يسلمون، فلما رأت قريش من يدخل في الإسلام جزعوا من ذلك ومشوا إلى أبي طالب وقالوا: اكفف عنا ابن أخيك فإنه قد سفه أحلامنا، وسب آلهتنا، وأفسد شباننا، وفرق جماعتنا.
فدعاه أبو طالب فقال: يا ابن أخي إن القوم قد أتوني يسألونك أن تكف عن آلهتهم.
قال: (يا عم لا أستطيع ذلك، ولا أستطيع أن أخالف أمر ربي).
فكان يدعوهم ويحذرهم العذاب، فاجتمعت قريش إليه فقالوا: إلى ما تدعو يا محمد؟
قال: (إلى شهادة أن لا إله إلا الله وخلع الأنداد كلها).
قالوا: ندع ثلاثمائة وستين إلها ونعبد إلها واحدا؟! فحكى الله سبحانه قولهم (وعجبوا ان جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب * اجعل الآلهة الها واحدا ان هذا لشئ عجاب) - إلى قوله: - ﴿بل لما يذوقوا عذ أب﴾ (1) ثم اجتمعوا إلى أبي طالب فقالوا: يا أبا طالب إن كان ابن أخيك يحمله على هذا الفعل العدم جمعنا له مالا فيكون أكثر قريش مالا.
فدعاه أبو طالب وعرض ذلك عليه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يا عم ما لي حاجة في المال، فأجيبوني تكونوا ملوكا في الدنيا وملوكا في الآخرة وتدين لكم العرب والعجم).
فتفرقوا، ثم جاءوا إلى أبي طالب فقالوا: يا أبا طالب أنت سيد من سادتنا وابن أخيك قد سفه أحلامنا وسب آلهتنا وفرق جماعتنا، فهلم ندفع