مع علمه أنهم لا يستأثرون عليه به فصدق عليهم
ظنه وبين لهم ما جهلوه من أمره بقوله (هو لها
صدقة ولنا هدية) وفى حكمة لقمان: يا بنى إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة وخرست الحكمة وقعدت الأعضاء عن العبادة، وقال سحنون: لا يصلح العلم لمن
يأكل حتى يشبع، وفى صحيح الحديث قوله صلى الله عليه وسلم (أما أنا فلا آكل متكئا) والاتكاء هو التمكن للأكل والتقعدد في الجلوس له كالمتربع وشبهه من تمكن الجلسات التي يعتمد فيها الجالس على ما تحته والجالس على هذه الهيئة يستدعى
الأكل ويستكثر منه،
والنبي صلى الله عليه وسلم إنما كان جلوسه للأكل جلوس المستوفز مقعيا ويقول (إنما أنا عبد آكل كما
يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد) وليس معنى الحديث في الاتكاء الميل على شق عند المحققين. وكذلك
نومه صلى الله عليه وسلم كان قليلا شهدت بذلك الآثار الصحيحة، ومع ذلك فقد قال صلى الله عليه وسلم (إن عيني تنامان ولا ينام قلبي) وكان
نومه على جانبه الأيمن استظهارا على قلة
النوم لأنه على الجانب الأيسر أهنا لهدو القلب وما يتعلق به من الأعضاء الباطنة
____________________
(قوله لقمان) قال الثعلبي في تفسيره كان لقمان مملوكا وكان أهون مملوكي سيده عليه، وروى أنه كان عبدا حبشيا نجارا واسم أبيه أنعم وقيل ما ثان وقيل مكشورا (قوله المعدة) بكسر العين المهملة مع فتح الميم وبإسكان العين المهملة مع فتح الميم وكسرها وبكسرهما (قوله مقعيا) قال الهروي قال ابن شميل الإقعاء أن يجلس على وركيه وهو الاحتفاز والاستنضار.