وسجن، فلما قتل سليمان بن حرد أخرج من السجن، فأخذ يجمع الشيعة وخرج يظاهر الكوفة ليلا في ربيع الأول سنة ستة وستين، ونادى مناديه:
يا منصور أمت، ونادى آخر: يا لثأرات الحسين، فملك الكوفة بعد حروب شديدة، وبايعه الناس، فأحسن السيرة، وسير بعوثه إلى أرمينية، وأذربيجان، والموصل، والمدائن، وغير ذلك، ثم وثب بمن في الكوفة من قتلة الحسين، وقد خرج عليه أهل الكوفة وقاتلوه فظهر بهم في ذي الحجة منها، وقتل منهم نحو الثمانمائة، وتجرد لقتلة الحسين حتى أفناهم، فكانوا ألوفا، فبعث عبد الله ابن الزبير لقتاله أخاه مصعب بن الزبير، فكانت بينهم حروب عظيمة، قتل فيها المختار، وعمره سبع وستون سنة.
قال البيهقي (1): وقد شهد جماعة من أكابر التابعين على المختار بن أبي عبيد بما كان يستبطن، وأخبر بعضهم بأنه من جملة الكذابين الذين أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بخروجهم بعده، فذكر عن أبي داود الطيالسي قال: حدثنا قرة بن خالد، عن عبد الملك بن عمير، عن رفاعة بن شداد،، قال: كنت أبطن شئ بالمختار - يعني: الكذاب - قال: فدخلت عليه ذات يوم، فقال: دخلت وقد قام جبريل قبل من هذا الكرسي! قال: فأهديت إلى قائم سيفي يعني لأضربه، حتى ذكرت حديثا حدثته عمرو بن الحمق الخزاعي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أمن الرجل الرجل على دمه، ثم قلته رفع له لواء الغدر يوم القيامة، فكففت عنه، وقال زائدة عن السدي عن رفاعة القتباني: قال: كنت بالسيف على رأس المختار بن أبي عبيد، فسمعته ذات يوم يقول: قام جبريل من هذه النمرقة فأردت أن أسل سيفي فأضرب عنقه فذكرت حديثا حدثنيه عمرو بن الحمق الخزاعي أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من أمن رجلا على نفسه فقتله فأنا من القاتل برئ، وإن كان المقتول كافرا، قال: فتركته.