وقال أبو حنيفة [رحمه الله]: ليس لمؤمن الجن ثواب إلا النجاة من النار، لقوله تعالى: ﴿ويجركم من عذاب أليم﴾ (١). وقال الحسن: ثوابهم أن يجاروا من النار، يقال لهم: كونوا ترابا مثل البهائم. وقال مالك وابن أبي ليلى: إن كان عليهم العقاب في الإساءة، وجب أن يكون لهم الثواب في الإحسان مثل الإنس. وقال جويبر عن الضحاك: الجن يدخلون الجنة، ويأكلون، ويشربون.
﴿ومن لم يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض﴾ (٢) أي لا يعجز الله في الأرض ولن يعجزه هربا، وليس له من دونه أولياء، أي أنصار يمنعونه من عذاب الله (أولئك في ضلال مبين)، أي الذين لا يجيبون الرسل.
وقال تعالى: ﴿قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا * يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا * وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا * وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا * وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا * وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا * وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا * وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا * وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا * وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا * وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا * وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا * وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا * وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا * وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا﴾ (3).
أي قل يا محمد لأمتك: أوحي إلي على لسان جبريل، أنه استمع إليك نفر من الجن، ولم يكن صلى الله عليه وسلم عالما به قبل أن يوحى إليه.