إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٩ - الصفحة ٢٨٣
خيبر بجاد مائة وسق، وللداريين بجاد مائة وسق، وهم عشرة من الدريين قدموا من الشام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأوصى لهم بطعمة مائة وسق: هانئ بن حبيب، والفاكه ابن النعمان، وجبلة بن مالك، وأبو هند بن بر، وأخوه الطيب بن بر، سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله، وتميم بن أوس، ونعيم ابن أوس، ويزيد بن قيس، وعزيز بن مالك، سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن، وأخوه مرة بن مالك، وأوصى للأشعريين بجاد مائة وسق (1).
قال الواقدي: حدثني معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله ابن عتبه قال: لم يوص رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بثلاثة أشياء، للداريين بجاد مائة وسق، وللأشعريين بجاد مائة وسق، وللرهاويين بجاد مائة وسق، وأن ينفذ جيش أسامة بن زيد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد له إلى مقتل أبيه، وألا يترك بجزيرة العرب دينان.
قالوا: ثم استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام في قسم خمس خيبر، فأشار عليه أن يقسمه في بني هاشم وبني عبد المطلب وبني عبد يغوث وحدثني معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب قال: قال جبير ابن مطعم: لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم ذوي القربى بخيبر من بني هاشم وبني المطلب مشيت أنا وعثمان بن عفان رضي الله تبارك وتعالى عنه حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله، هؤلاء إخواننا من بني المطلب لا ننكر فضلهم لمكانك الذي وضعك الله به منهم، أفرأيت إخواننا من بني المطلب، إنما نحن وهم منك بمنزلة واحدة، أعطيتهم وتركتنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن بني المطلب لم يفارقوني في الجاهلية والإسلام، ودخلنا معا في الشعب، إنما بنو هاشم وبنو المطلب شئ واحد! وشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصابعه (2).

(١) (مغازي الواقدي) ٢ / ٦٩٢ - ٦٩٥.
(٢) (المرجع السابق): ٦٩٥ - ٦٩٦، (فتح الباري) ٦ / ٣٠٠، كتاب فرض الخمس، باب (١٧) ومن الدليل على أن الخمس للإمام وأنه يعطي بعض قرابته دون بعض ما قسم النبي صلى الله عليه وسلم لبني المطلب وبني هاشم من خمس خيبر. قال عمر بن عبد العزيز: لم يعمهم بذلك ولم يخص قريبا دون من أحوج إليه، وإن كان الذي أعطى لما يشكو إليه من الحاجة، ولما مستهم في جنبه من قومهم وحلفائهم، حديث رقم (٣١٤٠) ولفظه: عن عقيل عن بن شهاب عن ابن المسيب عن جبير بن مطعم قال: مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقنا: يا رسول الله، أعطيت بني عبد المطلب وتركتنا، ونحن وهم منك بمنزلة واحدة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما بني المطلب وبني هاشم شئ واحد.
قال الليث حدثني يونس وزاد: قال جبير: ولم يقسم النبي صلى الله عليه وسلم لبني عبد شمس ولا لبني نوفل.
وقال ابن إسحاق: عبد شمس وهاشم والمطلب إخوة. وأمهم عاتكة بنت مرة. وكان نوفل أخاهم لأبيهم. وأخرجه البخاري أيضا في كتاب المناقب، باب (٢) مناقب قريش، حديث رقم (٣٥٠٢)، وأخرجه في كتاب المغازي، باب (٣٩) غزوة خيبر حديث رقم (٤٢٢٩)، وفي حديث حجة للشافعي ومن وافقه أن سهم ذوي القربى لبني هاشم والمطلب خاصة دون بقية قرابة النبي صلى الله عليه وسلم من قريش، وعن عمر بن عبد العزيز: هم بنو هاشم خاصة، وبه قال زيد بن أرقم وطائفة من الكوفيين، وهذا الحديث يدل لإلحاق بني المطلب بهم، وقيل هم قريش كلها لكن يعطى الإمام منهم من يراه، بهذا قال أصبغ، وهذا الحديث حجة عليه.
وفيه توهين قول من قال إن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أعطاهم بعلة الحاجة إذ لو أعطاهم بعله الحاجة لم يخص قوما دون قوم، والحديث ظاهر في أنه أعطاهم بسبب النصرة وما أصابهم بسبب الإسلام من بقية قومهم الذين لم يسلموا، والملخص أن الآية نصت على استحقاق قربى النبي صلى الله عليه وسلم وهي متحققة في بني عبد شمس لأنه شقيق، وفي بني نوفل إذا لم تعتبر قرابة الأم.
واختلف الشافعية في سبب إخراجهم فقيل: العلة القرابة مع النصرة فلذلك دخل بنو هاشم وبنو عبد المطلب ولم يدخل بنو عبد شمس وبنو نوفل لفقدان جزء العلة أو شرطها، وقيل:
الاستحقاق بالقرابة، ووجد ببني شمس ونوفل مانع لكونهم انحازوا عن بني هاشم وحاربوهم.
والثالث أن القربى عام مخصوص وبينته السنة. قال ابن بطال: وفيه رد لقول الشافعي إن خمس الخمس يقسم بين ذوي القربى لا يفضل غني على فقير، وأنه يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
قال الحافظ: ولا حجة فيه لما ذكر لا إثباتا ونفيا، وأما الأول فليس في الحديث إلا أنه قسم خمس الخمس بين بني هاشم والمطلب ولم يتعرض لتفضيل ولا عدمه، وإذا لم يتعرض فالأصل في القسمة إذا أطلقت التسوية والتعميم، فالحديث إذا حجة للشافعي لا عليه.
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 285 286 287 288 289 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر عمرات رسول الله صلى الله عليه وسلم التي اعتمرها بعد هجرته 3
2 عمرة القضاء 17
3 عمرة الجعرانة 22
4 فصل في ذكر حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة 25
5 فصل في ذكر من حدث عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم 38
6 فأما ما أخبر به صلى الله عليه وسلم عن رب العزة جلت قدرته 38
7 وأما الأحاديث الإلهية 46
8 وأما الحكمة وهي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم 48
9 وأما مجيء الجبال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 51
10 وأما إنزال الملك يبشره بالفاتحة وبالآيتين من سورة البقرة 52
11 وأما الملك الذي نزل بتصويب الحباب 52
12 وأما اجتماعه بالأنبياء ورؤيتهم في ليله الإسراء 53
13 وأما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إبراهيم عليه السلام 53
14 وأما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تميم الدارس 62
15 وأما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قس بن ساعدة 68
16 وأما حديثه صلى الله عليه وسلم عن أبي كبشة 70
17 فصل في ذكر من حديث وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه 70
18 إسلام الجن وإنذارهم 70
19 وأما الصحابة رضوان الله عليهم 81
20 أما المهاجرون 85
21 ذكر هجرة الذين هاجروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة 87
22 وأما السابقون الأولون 88
23 وأما الذين أسلموا إلى أن خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من دار الأرقم 91
24 وأما المستضعفون الذين عذبوا في الله 105
25 وأما المهاجرون إلى الحبشة 115
26 وأما من أسلم قبل الفتح 117
27 وأما الذين شهدوا بدرا وبيعة الرضوان 121
28 وأما رفقاؤه النجباء 128
29 وأما أهل الفتيا من أصحابه صلى الله عليه وسلم 130
30 فصل في ذكر أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم 169
31 فصل في ذكر نزول الأوس والخزرج بيثرب 171
32 فصل في ذكر بطون الأوس والخزرج 175
33 فصل في ذكر ما أكرم الله تعالى به الأوس والخزرج 178
34 أول من لقيه من الأوس سويد بن الصامت 184
35 ثم لقى صلى الله عليه وسلم بعد لقاء سويد بن الصامت فتية من بني عبد الأشهل 185
36 وكان من خبر يوم بعاث 187
37 فصل في ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة وهجرته إلى المدينة 193
38 فصل في ذكر مواساة الأنصار المهاجرين بأموالهم لما قدموا عليهم المدينة 204
39 فصل في ذكر من بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم الأنصار وغيرهم القرآن ويفقهم في الدين 206
40 عقوبة من سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 209
41 فصل في التنبيه على شرف مقام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 221
42 وأما وصاياه صلى الله عليه وسلم 222
43 فصل في ذكر أمراء سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم 223
44 فأما اعتذاره عن التخلف 223
45 فصل في ذكر من أستخلفه رسول اله صلى الله عليه وسلم على المدينة في غيبته عنها في غزو، أو حج، أو عمرة 226
46 فصل في ذكر من استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيوشه عند عودته صلى الله عليه وسلم 228
47 فصل في نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرعب 237
48 فصل في ذكر شورة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحرب وذكر من رجع إلى رأيه 240
49 فصل في ذكر ما كان يقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا 267
50 فصل في ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد غزوة ورى بغيرها 268
51 فصل في وقت إغارة رسول الله صلى الله عليه وسلم 269
52 فصل في ذكر الوقت الذي يقاتل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم 271
53 فصل في ذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على المشركين في محاربتهم 272
54 فصل في ذكر شعار رسول الله صلى الله عليه وسلم في حروبه 275
55 فصل في ذكر المغازي التي قاتل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم 277
56 فصل في ذكر ما كان للنبي صلى الله عليه وسلم من الغنيمة 279
57 فصل في ذكر من جعله النبي صلى الله عليه وسلم على مغانم حروبه 290
58 فصل في ذكر من كان على ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم 301
59 فصل في ذكر من حدا برسول الله صلى الله عليه وسلم في أسفاره 302
60 فصل في ذكر وزير رسول الله صلى الله عليه وسلم 318
61 فصل في ذكر صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم 322
62 فصل في ذكر خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يختم به 335
63 فصل في ذكر ما كان يختم به رسول الله صلى الله عليه وسلم كتبه 337
64 فصل في ذكر صاحب خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم 338
65 فصل في ذكر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابة الجيش وقسمة العطاء فيهم وعرضهم وعرفائهم 339
66 فصل في ذكر ما أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأرضية ونحوه 358
67 فصل في ذكر أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزية والخراج 365
68 فصل في ذكر عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجزية 375
69 فصل في ذكر عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم على الزكاة 376
70 فصل في ذكر الصدقة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم 380
71 فصل في ذكر الخارص على عهد رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم 381
72 فصل في ذكر من ولى السوق في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعرف هذه الولاية اليوم بالحسبة، ومتوليها له المحتسب 386