فقمنا له على أرجلنا صفين، يحييه كل رجل منا حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقائل يقول: إنما عنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: قوموا إلى سيدكم، يعني به الأنصار دون قريش. قالت الأوس الذين بقوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد: يا أبا عمرو، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ولاك الحكم، فأحسن فيهم، واذكر بلاءهم عندك.
فقال سعد بن معاذ: أترضون بحكمي لبني قريظة؟ قالوا: نعم، قد رضينا بحكمك وأنت غائب عنا، اختيارا منا، ورجاء أن تمن علينا كما فعله غيرك من حلفائه من قينقاع وأثرنا عندك أثرنا، وأحوج ما كنا اليوم إلى مجازاتك، فقال سعد: لا آلوكم جهدا. فقالوا: ما يعني بقوله هذا؟ ثم قال عليكم عهد الله وميثاقه أن الحكم فيكم ما حكمت؟ قالوا: نعم.
قال سعد للناحية الأخرى التي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو معرض عنها إجلالا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: وعلى من هاهنا مثل ذلك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه: نعم. قال سعد: فإني أحكم فيهم أن يقتلا من جرت عليه الموسى (1)، وتسبى النساء والذرية، وتقسم الأموال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لقد حكمت بحكم الله عز وجل من فوق سبع أرقعة (2).
وكان سعد بن معاذ في الليلة التي في صبحها نزلت قريظة على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد دعا فقال: اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها، فإنه لا قوم أحب إلي أن أقاتل من قوم كذبوا رسول الله، وآذوه