إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٩ - الصفحة ٢٦٠
فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأنطاع فبسطت، ثم نادى مناديه: من كان عنده بقية من زاد فلينثره على الأنطاع.
قال أبو شريح (1) الكعبي: فلقد رأيت من يأتي بالتمرة الواحدة، وأكثرهم لا يأتي بشئ، ويأتي بالكف من الدقيق، والكف من السويق، وذلك كله قليل. فلما اجتمعت أزوادهم وانقطعت موادهم مشى رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها فدعى فيها بالبركة، ثم قال: قربوا أوعيتكم، فجاءوا بأوعيتهم.
قال أبو شريح: فأنا حاضر، فيأتي الرجل فيأخذ ما شاء من الزاد حتى إن الرجل لآخذه ما لا [يجد له محملا (2)].
قال الواقدي: ولما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منزله بعين خيبي (3) جعل مسجدا فصلى إليه من آخر الليل نافلة. فثارت راحلته تجر زمامها. فأدركت توجه إلى الصخرة لا تريد أن تركب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوها فإنها مأمورة حتى بركت عند الصخرة، فتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصخرة، وأمر برحله فحط، وأمر الناس بالتحول إليها، ثم ابتنى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها مسجدا. فهو مسجدهم اليوم.
فلما أصبح جاءه الحباب بن المنذر بن الجموح، فقال: يا رسول الله صلى الله عليك، إنك نزلت منزلك هذا، فإن كان عن أمر أمرت به فلا نتكلم فيه، وإن كان الرأي [تكلمنا]. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل هو الرأي. فقال:

(1) هو أبو شريح الخزاعي ثم الكعبي، خويلد بن عمرو وقيل عمرو بن خويلد وقيل هانئ وقيل كعب بن عمرو وقيل عبد الرحمن والأول أشهر، بكعب جزم ابن نمير وأبو خيثمة وتردد هارون الجمال في خويلد وكعب قال الطيري هو خويلد بن عمرو بن صخر بن عبد العزى بن معاوية من بني عدي بن عمرو بن ربيعة أسلم قبل الفتح وكان معه لواء خزاعة يوم الفتح.
(2) (مغازي الواقدي): 2 / 616.
(3) (معجم البلدان): 2 / 468 الموضع المذكور في غزاة النبي صلى الله عليه وسلم وهي على ناحية ثمانية برد من المدينة لمن يريد الشام، تشتمل الولاية على سبعة حصون ومزارع ونخل كثير.
(٢٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 ... » »»
الفهرست