﴿فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون﴾ (1) ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون، والله يا رسول الله لو سرت إلى برك الغماد (2) لسرنا معك ما بقي منا رجل. وتكلم أسيد بن حضير فقال يا رسول الله نرى أن نصمد لما خرجنا له فمن صدنا قاتلناه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا لم نخرج لقتال أحد إنما خرجنا عمار.
ولقيه بديل بن ورقاء في نفر من أصحابه فقال يا محمد لقد اغتررت بقتال قومك جلابيب العرب، والله ما أرى معك أحد له وجه، مع أني أراكم قوما لا سلاح معكم، قال أبو بكر الصديق رضي الله تبارك وتعالى عنه:
عضضت بظر اللات! قال بديل: أما والله لولا يد لك عندي لأجبتك، فوالله ما أتهم أنا ولا قومي ألا أكون أحب أن يظهر محمد! إني رأيت قريشا مقاتلتك عن ذراريها وأموالها، قد خرجوا إلى بلدح فضربوا الأبنية، معهم العوذ المطافيل، ورادفوا على الطعام، يطعمون الجزر من جاءهم، يتقوون بهم على حربكم فر رأيك.
قال الواقدي: فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية نزل بمر الظهران ثم نزل عسفان، فأرملوا (3) من الزاد، فشكى الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم قد بلغوا الجهد (4) من الجوع وفي الناس ظهر، وقالوا: فننحر يا رسول الله، وندهن من شحومه، ونتخذ من جلوده حذاء، فأذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبر بذلك عمر بن الخطاب رضي الله تبارك وتعالى عنه، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله لا تفعل فإن يك في الناس بقية ظهر يكن أمثل، ولكن أدعهم بأزوادهم ثم ادع الله فيها.