صلى الله عليه وسلم خيرا، ودعا له بخير ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشيروا علي أيها الناس!
وإنما يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار، وكان يظن أن الأنصار لا تنصره إلا في الدار، وذلك أنهم شرطوا له أن يمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم وأولادهم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشيروا علي! فقام سعد بن معاذ فقال: أنا أجيب عن الأنصار، كأنك يا رسول الله تريدنا! قال: أجل. قال: إنك عسى أن تكون خرجت عن أمر قد أوى إليك في غيره، وإنا قد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن كل ما جئت به حق، وأعطيناك مواثيقنا وعهودنا على السمع والطاعة، فامض يا نبي الله، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما بقي منا رجل، وصل من شئت، واقطع من شئت، وخذ من أموالنا ما شئت، وما أخذت من أموالنا أحب إلينا مما تركت. والذي نفسي بيده، ما سلكت هذا الطريق قط، وما لي بها من علم، وما نكره أن يلقانا عدونا غدا، إنا لصبر عند الحرب، صدق عند اللقاء، لعل الله يريك منا ما تقر به عينك (1).
حدثنا محمد قال: حدثنا الواقدي قال: فحدثني محمد بن صالح، عن عاصم ابن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد قال: قال سعد: يا رسول الله، إنا قد خلفنا من قومنا ما نحن بأشد حبا لك منهم، ولا أطوع لك منهم لهم رغبة في الجهاد ونية، ولو ظنوا يا رسول الله أنك ملاق عدوا ما تخلفوا، ولكن إنما ظنوا أنها العير، نبني لك عريشا فتكون فيه ونعد لك رواحلك، ثم نلقى عدونا فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا كان ذلك ما أحببنا، وإن تكن الأخرى جلست على رواحلك فلحقت من وراءنا. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: خيرا.
وقال: أو يقضي الله خيرا من ذلك يا سعد! (2) قالوا: فلما فرغ سعد من المشورة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سيروا على بركة الله، فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين والله، لكأني أنظر إلى مصارع القوم قال: وأرانا رسول الله صلى الله عليه وسلم مصارعهم يومئذ، هذا مصرع فلان، وهذا