مصرع فلان، فما عدا كل رجل مصرعه. قال: فعلم القوم أنهم يلاقون القتال، وأن العير تفلت، ورجوا النصر لقول النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الواقدي: ولما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم أدنى بدر عشاء ليلة الجمعة لسبعة عشر ليلة مضت من رمضان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: أشيروا علي في المنزل. فقال الحباب بن المنذر: يا رسول الله، أرأيت هذا المنزل، أمنزل أنزلكه الله فليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال: بل هو الرأي والحرب والمكيدة. قال: فإن هذا ليس بمنزل!
انطلق بنا إلى أدنى ماء القوم، فإني عالم بها وبقلبها، بها قليب قد عرفت عذوبة مائه، وماء كثير لا ينزح، ثم نبني عليها حوضا ونقذف فيه الآنية، فنشرب ونقاتل، ونغور ما سواها من القلب (1).
حدثنا محمد قال: حدثنا الواقدي قال: فحدثني ابن أبي حبيبة، عن داود ابن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: نزل جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: الرأي ما أشار به الحباب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [يا حباب أشرت بالرأي! فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعل كل ذلك] (2)، وأبو بكر وعمر رضي الله تبارك وتعالى عنهما استشارهما صلى الله عليه وسلم في أسرى بدر.
[قال الواقدي: ولما حبس الأسرى ببدر - استعمل عليهم شقران وكان المسلمون قد اقترعوا عليهم - طمعوا في الحيا فقالوا: لو بعثنا إلى أبي بكر فإنه أوصل قريش لأرحامنا، ولا نعلم أحدا آثر عند محمد منه! فبعثوا إلى أبي بكر، فأتاهم فقالوا: يا أبا بكر، إن فينا الآباء والأبناء والإخوان والعمومة وبني العم، وأبعدنا قريب، كلم صاحبك فيمن علينا أن يفادنا. فقال:
نعم إن شاء الله، لا ألوكم خيرا.