إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٣ - الصفحة ٢٧٠
ما تقدم من ذنبك وما تأخر، اشتفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فأنطلق فآتي تحت العرش، فأقع ساجدا لربي، ثم يفتح الله على ويلهمني من محامده، وحسن الثناء عليه، شيئا لم يفتحه لأحد فبلي، ثم قال:
يا محمد، ارفع رأسك، سل تعطه، اشفع تشفع، فأرفع رأسي فأقول: يا رب أمتي أمتي، فيقال: يا محمد، أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب، والذي نفس محمد بيده، إن ما بين المصراعين (1) من مصاريع الجنة، لكما بين مكة وهجر، أو كما بين مكة وبصرى (2).

(1) المصراعان - بكسر الميم - جانبا الباب، وهجر - بفتح الهاء والجيم - مدينة عظيمة، هي قاعدة بلاد البحرين، وهجر هذه غير هجر المذكورة في حديث " إذا بلغ الماء قلتين بقلال هجر "، تلك قرية من قرى المدينة، كانت القلال تصنع بها، وهي غير مصروفة. (مسلم بشرح النووي): 3 / 69، (معجم البلدان) موضع رقم (12637).
(2) بصرى - بضم الباء - مدينة معروفة، بينها وبين دمشق نحو ثلاث مراحل، وهي مدينة حوران، وبينها وبين مكة شهر (المرجع السابق)، (معجم البلدان) موضع رقم (1949).
والحديث أخرجه مسلم في الإيمان، باب (84)، حديث رقم (327)، قوله صلى الله عليه وسلم: " يجمع الله يوم القيامة الأولين والآخرين في صعيد واحد، فيسمعهم الداعي وينفذهم البصر "، أما الصعيد فهو الأرض الواسعة المستوية، وأما ينفذهم البصر، فهو بفتح الياء وبالذال المعجمة، وذكر الهروي وصاحب (المطالع) غيرهما، أنه روي بضم الياء وبفتحها، قال صاحب (المطالع): رواه الأكثرون بالفتح، وبعضهم بالضم.
وأما معناه، فقال الهروي: قال أبو عبيد: معناه ينفذهم بصر الرحمن تبارك وتعالى، حتى يأتي عليهم كلهم. وقال غير أبي عبيد: أراد تخرقهم أبصار الناظرين لاستواء الصعيد، والله وتبارك وتعالى قد أحاط الناس أولا وآخرا. هذا كلام الهروي.
وقال صاحب (المطالع): معناه أنه يحيط بهم الناظر، لا يخفى عليه منهم شئ لاستواء الأرض، أي ليس فيها ما يستتر به أحد عن الناظرين. قال: وهذا أولى من قول أبي عبيد: يأتي عليهم بصر الرحمن سبحانه وتعالى، لأن رؤية الله تعالى تحيط بجميعهم في كل حال، في الصعيد المستوي وغيره، هذا قول صاحب (المطالع).
قال الإمام أبو السعادات الجزري بعد أن ذكر الخلاف بين أبي عبيد وغيره، في أن المراد بصر الرحمن سبحانه وتعالى، أو بصر الناظر من الخلق: قال أبو حاتم: أصحاب الحديث يروونه بالذال المعجمة، وإنما هو بالمهملة، أي يبلغ أولهم وآخرهم، حتى يراهم كلهم ويستوعبهم، من نفد الشئ وأنفدته.
قال: وحمل الحديث على بصر الناطر أولى من حمله على بصر الرحمن تبارك وتعالى. مختصرا من (مسلم بشرح النووي): 3 / 67 - 68.
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر مجيء الملك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم برسالات ربه تعالى 3
2 ذكر الاختلاف في أول سورة من القرآن أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم 3
3 ذكر الاختلاف في شق صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم، متى كان وأين وقع؟ 32
4 ذكر مجيء جبرئيل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم في الصورة التي خلقه الله عليها 39
5 ذكر كيفية إلقاء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 45
6 ذكر تعليم جبرئيل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الوضوء والصلاة 53
7 وأما إقامة جبريل عليه السلام أوقات الصلاة للنبي صلى الله عليه وسلم وأنه أمه فيها 60
8 ذكر الجهة التي كان صلى الله عليه وسلم يستقبلها في صلاته 81
9 ذكر من قرن برسول الله صلى الله عليه وسلم من الملائكة 94
10 فصل في ذكر الفضائل التي خص الله تعالى بها نبيه ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم وشرفه بها على جميع الأنبياء 95
11 فأما أنه صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين 96
12 وأما مخاطبة الله له بالنبوة والرسالة، ومخاطبة من عداه من الأنبياء باسمه 105
13 وأما دفع الله عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما قرفه به المكذبون، ونهى الله تعالى العباد عن مخاطبته باسمه 108
14 وأما دفع الله تعالى عن النبي صلى الله عليه وسلم ما قرفه المكذبون له 111
15 وأما مغفرة ذنبه من غير ذكره تعالى له خطأ ولا زلة 112
16 وأما أخذ الله تعالى الميثاق على جميع الأنبياء أن يؤمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، وينصروه إن أدركوه 116
17 وأما عموم رسالته إلى الناس جميعا وفرض الإيمان به على الكافة، وأنه لا ينجو أحد من النار حتى يؤمن به صلى الله عليه وسلم 122
18 وأما فرض طاعته، فإذا وجب الإيمان به وتصديقه بما جاء به وجبت طاعته لأن ذلك مما أتى به 132
19 وأما وجوب اتباعه وامتثال سنته والاقتداء بهديه صلى الله عليه وسلم 145
20 وأما أمر الكافة بالتأسي به قولا وفعلا 154
21 وأما اقتران اسم النبي صلى الله عليه وسلم باسم الله تعالى 167
22 وأما تقدم نبوته صلى الله عليه وسلم قبل تمام خلق آدم عليه السلام 169
23 ذكر التنويه بذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم من زمن آدم عليه السلام 187
24 وأما شرف أصله، وتكريم حسبه، وطيب مولده صلى الله عليه وسلم 204
25 وأما أن أسماءه خير الأسماء 216
26 وأما قسم الله تعالى بحياته صلى الله عليه وسلم 221
27 وأما تفرده بالسيادة يوم القيامة على جميع الأنبياء والرسل وأن آدم ومن دونه تحت لوائه صلى الله عليه وسلم 224
28 فصل في ذكر المفاضلة بين المصطفى وبين إبراهيم الخليل صلوات الله عليهما وسلامه 241
29 وأما اختصاصه صلى الله عليه وسلم بالشفاعة العظمى يوم الفزع الأكبر 263
30 ذكر المقام المحمود الذي وعد الله تعالى به الرسول صلى الله عليه وسلم 288
31 تنبيه وإرشاد 292
32 إيضاح وتبيان 295
33 وأما حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الكوثر 297
34 وأما كثرة أتباعه صلى الله عليه وسلم 309
35 وأما الخمس التي أعطيها صلى الله عليه وسلم 311
36 وأما أنه بعث بجوامع الكلم وأوتي مفاتيح خزان الأرض 315
37 وأما تأييده بقتال الملائكة معه 319
38 وأما أنه خاتم الأنبياء 334
39 وأما أن أمته خير الأمم 338
40 وأما ذكره صلى الله عليه وسلم في كتب الأنبياء وصحفهم وإخبار العلماء بظهوره حتى كانت الأمم تنتظر بعثته صلى الله عليه وسلم 345
41 ثم جاءني محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم 378
42 وأوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 379
43 ومن إعلامه في التوراة 385
44 ومن إعلامه في التوراة أيضا 386
45 ومن ذكر شعيا له 387
46 ومن ذكر شعيا له 388
47 وفي حكاية يوحنا عن المسيح 390
48 وفي إنجيل متى 391
49 وذكر شعيا طريق مكة فقال: 394
50 وأما سماع الأخبار بنبوته من الجن وأجواف الأصنام ومن الكهان 396