وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي، وخطأي وعمدي، وكل ذلك عندي ". وهذا كثير في الأدعية المأثورة، فإن الدعاء عبودية لله سبحانه وتعالى وافتقار إليه، وتذلل بين يديه سبحانه وتعالى، فكلما كثره العبد وطوله، وأعاده وأبدأه، ونوع جملته، كان ذلك أبلغ في عبوديته، وإظهار فقره، وتذلله وحاجته، فكان ذلك أقرب له من ربه سبحانه تعالى وأعظم لثوابه.
وهذا بخلاف المخلوق، فإنك كلما كثرت سؤالك إياه وعددت له حوائجك أبرمته وثقلت عليه وهنت في نفسه عنده، كلما تركت سؤاله كنت أعظم عنده وأحب إليه، والله جل جلاله كلما سألته كنت أقرب إليه وأحب إليه، وكلما ألححت في الدعاء أحبك، ومن لم يسأل الله سبحانه وتعالى يغضب عليه، فالله سبحانه وتعالى يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حين يسأل يغضب (1)، فالمطلوب منه سبحانه وتعالى يزيد بزيادة الطلب وينقص بنقصانه.
وأما الخبر، فهو خبر عن أمر قد وقع وانقضى ولا يحتمل الزيادة والنقصان، فلم تكن في زيادة اللفظ فيه كبير فائدة، ولا سيما والمقام ليس مقام إيضاح وتفهيم المخاطب ليحسن معه البسط والإطناب، فكان الإيجاز والاختصار فيه أكمل وأحسن، فلهذا جاء فيه بلفظ إبراهيم تارة، وبلفظ آله تارة أخرى، لأن كلا اللفظين يدل على ما يدل عليه الآخر من الوجه الذي تقدم ذكره، فكان المراد باللفظين واحدا مع الإيجاز والاختصار، بخلاف ما لو قيل: صل على محمد، لم يكن في هذا ما يدل على الصلاة على آله، إذ هو طلب ودعاء ينشأ بهذا اللفظ، ليس خبرا عن أمر قد وقع واستقر.
ولو قيل: صل على آل محمد لكان النبي صلى الله عليه وسلم إنما يصلى عليه ضمنا في العموم، فقيل: على آل محمد ليحصل له صلى الله عليه وسلم بذلك الصلاة عليه بخصوصه،