في الموضعين، أو الآل في إحداهما وإبراهيم في [الأخرى] (1) فحيث جاء ذكر إبراهيم وحده في الموضعين فلأنه الأصل في الصلاة المخبر بها وآله تبعا له عليه السلام فيها، فذلك ذكر المتبوع على التابع، واندرج فيه وأغني عن ذكره، وحيث جاء ذكر آله فقط فلأنه داخل في آله كما تقرر في موضعه، فيكون ذكر آل إبراهيم عليه السلام مغنيا عن ذكره وذكر آله بلفظين، وحيث جاء في أحدهما ذكره عليه السلام فقط وفي الآخر ذكر آله فقط، كان ذلك جميعا بين الأمرين فيكون ذكر المتبوع الذي هو الأصل، وذكر أتباعه بلفظ يدخل هو فيهم.
وأما ذكر محمد صلى الله عليه وسلم وذكر آله فقد جاء بالاقتران دون الاقتصار على أحدهما في عامة الأحاديث، فلأن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم وعلى آله ذكرت في مقام الطلب والدعاء بخلاف الصلاة على إبراهيم عليه السلام، فإنها جاءت في مقام الخبر وذكر الواقع لأن قوله: " اللهم صل على محمد وعلى آل محمد " جملة طلبية، وقوله: " كما صليت على آل إبراهيم " جملة خبرية، والجملة الطلبية إذا وقعت موقع الدعاء والسؤال كان بسطها وتطويلها أنسب من اختصارها وحذفها، ولهذا شرع تكرارها وإبداؤها وإعادتها فإنها دعاء، والله سبحانه وتعالى يحب الملحين في الدعاء، ولهذا تجد كثيرا من أدعية رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها من بسط الألفاظ وذكر كل معنى بصريح لفظه دون الاكتفاء بدلالة اللفظ الآخر عليه، ما يشهد لذلك كقوله صلى الله عليه وسلم في حديث علي الذي رواه مسلم في صحيحه: " اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت ".
ومعلوم أنه لو قيل: اغفر لي كل ما صنعت كان أوجز، ولكن ألفاظ الحديث في مقام الدعاء والتضرع وإظهار العبودية والافتقار، واستحضار الأنواع التي يتوب العبد منها تفصيلا أحسن أو بلغ من الإيجاز والاختصار.
وكذلك قوله في الحديث الآخر: " اللهم اغفر ذنبي كله، ودقه وجلة، سره وعلانية، أوله وآخره ". وفي حديث آخر: " اغفر لي خطيئتي وجهلي