فجمع سبحانه وتعالى لهم علم الأولين والآخرين.
ومنها: أنه سبحانه وتعالى خصهم من توحيده ومحبته وقربه والاختصاص به بما لم يخص أهل بيت سواهم.
ومنها: أنه سبحانه وتعالى مكن لهم الأرض واستخلفهم فيها، وأطاع أهل الأرض لهم، ما لم يحصل لغيرهم.
ومنها: أنه سبحانه وتعالى أيدهم ونصرهم وأظفرهم بأعدائهم وأعدائه ما لم يؤيد به غيره.
ومنها: أنه سبحانه وتعالى محا بهم من أثار أهل الضلال والشرك، ومن الآثار التي يبغضها ويمقتها، ما لم يمحه بسواهم.
ومنها: أنه سبحانه وتعالى جعل آثارهم في الأرض سببا لبقاء العالم وحفظه، فلا يزال العلم باقيا ما دامت آثارهم باقية، فإذا ذهبت آثرهم من الأرض فذاك أوان خراب العالم، قال سبحانه وتعالى: (جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد)، قال ابن عباس في تفسير هذه الآية: لو تركت الناس كلهم الحج لوقعت السماء على الأرض، وقال: لو ترك الناس الحج كلهم لما مطروا.
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن في آخر الزمان يرفع الله بيته من الأرض وكلامه من المصاحف وصدور الرجال، فلا يبقى في الأرض بيت يحج ولا كلام يتلى، فحينئذ يقرب خراب العالم.
وهكذا الناس اليوم، إنما قيامهم بقيام آثارهم نبيهم وشرائعه بينهم، وقيام أمورهم وحصول مصالهم واندفاع أنواع البلاء والشر عنهم بحسب ظهورها بينهم وقيامها، وهلاكهم وحلول البلايا والشر بهم عند تعطلها والإعراض عنها والتحاكم إلى غيرها واتحاد سواها.
ومن عرف حوادث الزمان فإنه يقف على أن البلاد التي سلط الله سبحانه وتعالى عليها من سلطه حتى أخرب البلاد وأهلك العباد، إنما كان سببه تعطيلهم لدينه بينهم