الخطاب ألا أجيبه؟ قال: بلى. قال: فلما قال اعل هبل قال: الله أعلى وأجل. قال أبو سفيان يا ابن الخطاب قد أنعمت عينها، فعاد عنها - أو فعال عنها - فقال أين ابن أبي كبشة أين ابن أبي قحافة أين ابن الخطاب؟ فقال عمر: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا أبو بكر وها أنا ذا عمر، قال فقال أبو سفيان يوم بيوم بدر، الأيام دول وأن الحرب سجال قال فقال عمر: لا سواء، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار. قال: إنكم لتزعمون ذلك، لقد خبنا إذن وخسرنا. ثم قال أبو سفيان:
أما إنكم سوف تجدون في قتلاكم مثلة ولم يكن ذلك عن رأي سراتنا. قال ثم أدركته حمية الجاهلية فقال: أما إنه إن كان ذلك لم نكرهه. وقد رواه ابن أبي حاتم والحاكم في مستدركه والبيهقي في الدلائل (1) من حديث سليمان بن داود الهاشمي به وهذا حديث غريب وهو من مرسلات ابن عباس. وله شواهد من وجوه كثيرة سنذكر منها ما تيسر إن شاء الله وبه الثقة وعليه التكلان وهو المستعان. قال البخاري: حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال:
لقينا المشركين يومئذ وأجلس النبي صلى الله عليه وسلم جيشا من الرماة وأمر عليهم عبد الله بن جبير وقال: لا تبرحوا، إن رأيتمونا ظهرنا عليهم فلا تبرحوا، وإن رأيتموهم ظهورا علينا فلا تعينونا. فلما لقينا هربوا حتى رأيت النساء يشتددن في الجبل رفعن عن سوقهن قد بدت خلاخلهن فأخذوا يقولون:
الغنيمة الغنيمة! فقال عبد الله: عهد إلي النبي صلى الله عليه وسلم أن لا تبرحوا. فأبوا، فلما أبوا صرفت (2) وجوههم فأصيب سبعون قتيلا وأشرف أبو سفيان فقال: أفي القوم محمد؟ فقال لا تجيبوه. فقال أفي القوم ابن أبي قحافة؟ فقال لا تجيبوه. فقال أفي القوم ابن الخطاب؟ فقال إن هؤلاء قتلوا فلو كانوا أحياء لأجابوا، فلم يملك عمر نفسه فقال: كذبت يا عدو الله، أبقى الله عليك ما يحزنك. فقال أبو سفيان: أعل هبل. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أجيبوه، قالوا ما نقول؟ قال قولوا:
الله أعلى أو جل (وأجل). فقال أبو سفيان: لنا العزى ولا عزى لكم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم أجيبوه، قالوا ما نقول؟ قال قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم. قال أبو سفيان: يوم بيوم بدر، والحرب سجال، وتجدون مثلة لم آمر بها ولم تسؤني (3). وهذا من إفراد البخاري دون مسلم. وقال الإمام أحمد:
حدثنا موسى، حدثنا زهير، حدثنا أبو إسحاق: أن البراء بن عازب قال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرماة يوم أحد - وكانوا خمسين رجلا - عبد الله بن جبير، قال ووضعهم موضعا وقال: إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا ظهرنا على العدو وأوطأناهم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم، قال فهزموهم، قال: فأنا والله رأيت النساء يشتددن على الجبل وقد بدت أسوقهن وخلاخلهن رافعات ثيابهن، فقال أصحاب عبد الله بن جبير: الغنيمة، أي قوم،