ضربتين فضربه علي فصرعه، ثم انصرف ولم يجهز عليه. فقال له بعض أصحابه: أفلا أجهزت عليه؟ فقال: إنه استقبلني بعورته، فعطفتني عليه الرحم وعرفت أن الله قد قتله. وقد فعل ذلك علي رضي الله عنه يوم صفين مع بسر بن أبي أرطاة لما حمل عليه ليقتله أبدى له عورته فرجع عنه.
وكذلك فعل عمرو بن العاص حين حمل عليه علي في بعض أيام صفين أبدى عن عورته فرجع علي أيضا. ففي ذلك يقول الحارث بن النضر:
أفي (1) كل يوم فارس غير منته * وعورته وسط العجاجة باديه يكف لها عنه علي سنانه * ويضحك منها في الخلاء معاوية وذكر يونس عن ابن إسحاق: أن طلحة بن أبي طلحة العبدري حامل لواء المشركين يومئذ دعا إلى البراز فأحجم عنه الناس فبرز إليه الزبير بن العوام فوثب حتى صار معه على جمله، ثم اقتحم به الأرض فألقاه عنه وذبحه بسيفه فأثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن لكل نبي حواريا وحواري الزبير " (2) وقال: لو لم يبرز إليه لبرزت أنا إليه لما رأيت من إحجام الناس عنه. وقال ابن إسحاق قتل أبا سعد بن أبي طلحة سعد بن أبي وقاص (3) وقاتل عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح فقتل نافع (4) بن أبي طلحة وأخاه الجلاس كلاهما يشعره سهما فيأتي أمه سلافة فيضع رأسه في حجرها، فتقول يا بني من أصابك؟ فيقول سمعت رجلا حين رماني يقول خذها وأنا ابن أبي الأقلح. فنذرت إن أمكنها الله من رأس عاصم أن تشرب فيه الخمر، وكان عاصم قد عاهد الله لا يمس مشركا أبدا ولا يمسه. ولهذا حماه الله منه يوم الرجيع كما سيأتي. قال ابن إسحاق: والتقى حنظلة بن أبي عامر، واسمه عمرو، ويقال عبد عمرو بن صيفي، وكان يقال لأبي عامر في الجاهلية الراهب، لكثرة عبادته، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاسق، لما خلف الحق وأهله وهرب من المدينة هربا من الاسلام ومخالفة للرسول عليه السلام. وحنظلة الذي يعرف بحنظلة الغسيل لأنه غسلته الملائكة كما سيأتي - هو وأبو سفيان صخر بن حرب فلما علاه حنظلة رآه شداد بن الأوس (5) وهو الذي يقال له ابن شعوب فضربه شداد فقتله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن صاحبكم لتغسله الملائكة فاسألوا أهله ما شأنه " فسئلت صاحبته قال الواقدي: هي جميلة بنت أبي بن