الغنيمة. ظهر أصحابكم، فما تنظرون؟ قال عبد الله بن جبير: أنسيتم ما قال لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: إنا والله لنأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة! فلما أتوهم صرفت وجوههم فأقبلوا منهزمين فذلك الذي يدعوهم الرسول في أخراهم، فلم يبق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غير اثني عشر رجلا فأصابوا منا سبعين رجلا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أصابوا من المشركين يوم بدر أربعين ومائة: سبعين أسيرا وسبعين قتيلا، فقال أبو سفيان: أفي القوم محمد، أفي القوم محمد، أفي القوم محمد؟ ثلاثا، فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجيبوه، ثم قال: أفي القوم ابن أبي قحافة، أفي القوم ابن أبي قحافة؟ أفي القوم ابن الخطاب، أفي القوم ابن الخطاب؟ ثم أقبل على أصحابه فقال: أما هؤلاء فقد قتلوا وقد كفيتموهم، فما ملك عمر نفسه أن قال: كذبت والله يا عدو الله، إن الذين عددت لاحياء كلهم وقد بقي لك ما يسوءك. فقال: يوم بيوم بدر، والحرب سجال، إنكم ستجدون في القوم مثلة لم آمر بها ولم تسؤني. ثم أخذ يرتجز: أعل هبل أعل هبل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تجيبونه قالوا يا رسول الله وما نقول؟ قال قولوا: الله أعلى وأجل. قال: إن العزى لنا ولا عزى لكم؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تجيبونه؟ قالوا: يا رسول الله ما نقول؟ قال قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم. ورواه البخاري من حديث زهير وهو ابن معاوية مختصرا وقد تقدم روايته له مطولة من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق (1). وقال الإمام أحمد:
حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا ثابت وعلي بن زيد عن أنس بن مالك أن المشركين لما رهقوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو في سبعة من الأنصار ورجل من قريش، قال: من يردهم عنا وهو رفيقي في الجنة؟ فجاء رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل. فلما رهقوه أيضا قال: من يردهم عنا وهو رفيقي في الجنة، حتى قتل السبعة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أنصفنا أصحابنا. ورواه مسلم عن هدبة بن خالد عن حماد بن سلمة به. وقال البيهقي في الدلائل: بإسناده عن عمارة بن غزية عن أبي الزبير عن جابر قال: انهزم الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وبقي معه أحد عشر رجلا من الأنصار [فيهم] (2) طلحة بن عبيد الله وهو يصعد في الجبل فلحقهم المشركون فقال: ألا أحد لهؤلاء؟
فقال طلحة أنا يا رسول الله (3). فقال: كما أنت يا طلحة، فقال رجل من الأنصار: فأنا يا رسول الله، فقاتل عنه، وصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بقي معه، ثم قتل الأنصاري فلحقوه، فقال: ألا رجل لهؤلاء؟ فقال طلحة مثل قوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل قوله. فقال رجل من الأنصار: فأنا يا رسول الله، فقاتل وأصحابه يصعدون ثم قتل فلحقوه، فلم يزل يقول مثل قوله الأول ويقول طلحة أنا يا رسول الله فيحبسه فيستأذنه رجل من الأنصار للقتال فيأذن له فيقاتل مثل