البداية والنهاية - ابن كثير - ج ٤ - الصفحة ٣٠٤
بيت قريش، قال: كيف عقله ورأيه؟ قال لم يغب (1) له رأي قط. قال هرقل: هل كان حلافا كذابا مخادعا في أمره؟ قال: لا والله ما كان كذلك، قال: لعله يطلب ملكا أو شرفا كان لاحد من أهل بيته قبله؟ قال أبو سفيان: لا، ثم قال من يتبعه منكم هل يرجع إليكم منهم أحد؟
قال: لا، قال هرقل: هل يغدر إذا عاهد؟ قال: لا إلا أن يغدر مدته هذه. فقال هرقل: وما تخاف من مدته هذه؟ قال إن قومي أمدوا حلفاءهم على حلفائه وهو بالمدينة، قال هرقل: إن كنتم أنتم بدأتم فأنتم أغدر، فغضب أبو سفيان وقال لم يغلبنا إلا مرة واحدة وأنا يومئذ غائب وهو يوم بدر، ثم غزوته مرتين في بيوتهم نبقر البطون ونجذع الآذان والفروج، فقال هرقل: كذابا تراه أم صادقا؟ فقال: بل هو كاذب، فقال: إن كان فيكم نبي فلا تقتلوه فإن أفعل الناس لذلك اليهود، ثم رجع أبو سفيان (2). ففي هذا السياق غرابة وفيه فوائد ليست عند ابن إسحاق ولا البخاري. وقد أورد موسى بن عقبة في مغازيه قريبا مما ذكره عروة بن الزبير والله أعلم. وقال ابن جرير في تاريخه (3): حدثنا ابن حميد ثنا سلمة ثنا محمد بن إسحاق عن بعض أهل العلم قال: إن هرقل قال لدحية بن خليفة الكلبي حين قدم عليه بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله إني لاعلم أن صاحبك نبي مرسل، وأنه الذي كنا ننتظر ونجده في كتابنا ولكني أخاف الروم على نفسي، ولولا ذلك لاتبعته، فاذهب إلى صغاطر الأسقف فاذكر له أمر صاحبكم فهو والله في الروم أعظم مني وأجود قولا عندهم مني، فانظر ماذا يقول لك؟ قال فجاء دحية فأخبره بما جاء به من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل وبما يدعو إليه، فقال صغاطر والله صاحبك نبي مرسل نعرفه بصفته ونجده في كتابنا باسمه، ثم دخل وألقى ثيابا كانت عليه سودا وليس ثيابا بياضا ثم أخذ عصاه فخرج على الروم في الكنيسة فقال: يا معشر الروم إنه قد جاءنا كتاب من أحمد يدعونا فيه إلى الله وأني أشهد أن لا إله إلا الله وأن أحمد عبده ورسوله. قال فوثبوا إليه وثبة رجل واحد فضربوه حتى قتلوه.
قال: فلما رجع دحية إلى هرقل فأخبره الخبر قال: قد قلت لك إنا نخافهم على أنفسنا، فصغاطر والله كان أعظم عندهم وأجوز قولا مني. وقد روى الطبراني من طريق يحيى بن سلمة بن كهيل عن أبيه، عن عبد الله بن شداد، عن دحية الكلبي قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قيصر صاحب الروم بكتاب فقلت استأذنوا لرسول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى قيصر فقيل له إن على الباب رجلا يزعم أنه رسول رسول الله ففزعوا لذلك وقال: أدخله، فأدخلني عليه وعنده بطارقته فأعطيته الكتاب فإذا فيه، بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى قيصر صاحب الروم، فنخر ابن أخ له أحمر أزرق سبط فقال لا تقرأ الكتاب اليوم فإنه بدأ بنفسه وكتب صاحب الروم ولم يكتب ملك الروم، قال فقرئ الكتاب حتى فرغ منه ثم أمرهم فخرجوا من عنده ثم بعث إلي

(١) في البيهقي: لم نعب له عقلا قط ولا رأيا قط.
(٢) نقله البيهقي عن عروة في الدلائل ج ٤ / ٣٨٤، ونقل رواية موسى بن عقبة من طريق ابن أبي أويس.
(٣) تاريخ الطبري ٣ / 87 - 88.
(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سنة ثلاث من الهجرة 3
2 غزوة الفرع من بحران 4
3 خبر يهود بني قينقاع من المدينة 4
4 سرية زيد بن حارثة 5
5 مقتل كعب بن الأشرف 6
6 غزوة أحد في شوال سنة ثلاث 11
7 مقتل حمزة رضي الله عنه 20
8 فصل 25
9 فصل 32
10 فيما لقي النبي (ص) يومئذ من المشركين قبحهم الله 32
11 فصل 38
12 فصل 38
13 فصل 39
14 دعاء النبي (ص) يوم أحد 43
15 فصل 44
16 الصلاة على حمزة وقتلى أحد 45
17 فصل 52
18 فصل 52
19 خروج النبي (ص) بأصحابه على ما بهم من القرح والجراح في أثر أبي سفيان 56
20 فصل 60
21 فيما تقاول به المؤمنون والكفار في وقعة أحد من الأشعار 60
22 آخر الكلام على وقعة أحد 70
23 فصل 70
24 سنة أربع من الهجرة النبوية 70
25 غزوة الرجيع 71
26 سرية عمر بن أمية الضمري 79
27 سرية بئر معونة 81
28 غزوة بني النضير 85
29 وفيها سورة الحشر 85
30 قصة عمرو بن سعدى القرظي 92
31 غزوة بني لحيان 93
32 غزوة ذات الرقاع 95
33 قصة غورث بن الحارث 96
34 قصة الذي أصيبت امرأته يومذاك 98
35 قصة جمل جابر 99
36 قصة بدر الآخرة 100
37 فصل 103
38 في جملة من الحوادث الواقعة سنة أربع من الهجرة 103
39 سنة خمس من الهجرة النبوية 105
40 غزوة دومة الجندل في ربيع الأول منها 105
41 غزوة الخندق أو الأحزاب 106
42 فصل 117
43 فصل 127
44 فصل في دعائه (ع) على الأحزاب 127
45 فصل 133
46 فصل في غزوة بني قريظة 133
47 وفاة سعد بن معاذ رضي الله عنه 145
48 فصل 145
49 فصل الأشعار في الخندق وبني قريظة 145
50 مقتل أبي رافع اليهودي 156
51 مقتل خالد بن سفيان الهزلي 160
52 قصة عمرو بن العاص مع النجاشي 161
53 فصل 163
54 فصل في تزويج النبي (ص) بأم حبيبة 163
55 تزويجه بزينب بنت جحش 166
56 نزول الحجاب صبيحة عرس زينب 167
57 سنة ست من الهجرة 170
58 غزوة ذي قرد 170
59 غزوة بني المصطلق من خزاعة 178
60 قصة الإفك 182
61 غزوة الحديبية 188
62 سياق البخاري لعمرة الحديبية 197
63 فصل في السرايا التي كانت في سنة ست من الهجرة 202
64 فصل فيما وقع من الحوادث في هذه السنة 205
65 سنة سبع من الهجرة 206
66 غزوة خيبر في أولها 206
67 فصل 218
68 ذكر قصة صفية بنت حيي النضرية 222
69 فصل 224
70 فتح حصونها وقسيمة أرضها 225
71 فصل 232
72 ذكر قدوم جعفر بن أبي طالب ومسلمو الحبشة المهاجرون 233
73 قصة الشاة المسمومة والبرهان الذي ظهر 237
74 فصل 241
75 فصل 244
76 من استشهد بخيبر من الصحابة 244
77 خبر الحجاج بن علاط البهزي 244
78 فصل 248
79 مروره (ص) بوادي القرى ومحاصرة اليهود ومصالحتهم 248
80 فصل 249
81 سرية أبي بكر الصديق إلى بني فزارة 250
82 سرية عمر بن الخطاب إلى تربة وراء مكة بأربعة أميال 251
83 سرية عبد الله بن رواحة إلى يسير بن رزام اليهودي 251
84 سرية أخرى مع بشير بن سعد 252
85 سرية بني حدرد إلى الغابة 254
86 السرية التي قتل فيها محلم بن جثامة عامر بن الأضبط 255
87 سرية عبد الله بن حذافة السهمي 257
88 عمرة القضاء 258
89 قصة تزويجه (ع) بميمونة 265
90 ذكر خروجه (ص) من مكة بعد قضاء عمرته 266
91 فصل 268
92 سنة ثمان من الهجرة النبوية 269
93 إسلام عمرو بن العاص وخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة 269
94 طريق إسلام خالد بن الوليد 272
95 سرية شجاع بن وهب الأسدي إلى هوازن 273
96 غزوة مؤتة 274
97 سرية كعب بن عمير إلى بني قضاعة 275
98 فصل 286
99 فصل 289
100 في فضل هؤلاء الأمراء الثلاثة زيد وجعفر وعبد الله رضي الله عنهم 290
101 فصل في من استشهد يوم مؤتة 295
102 حديث فيه فضيلة عظيمة لأمراء هذه السرية 296
103 ما قيل من الأشعار في غزوة مؤتة 297
104 كتاب بعث رسول الله (ص) إلى ملوك الآفاق وكتبه إليهم 298
105 إرساله (ص) إلى ملك العرب من النصارى بالشام 305
106 بعثه إلى كسرى ملك الفرس 306
107 بعثه (ص) إلى المقوقس صاحب مدينة الإسكندرية واسمه جريج بن مينا القبطي 310
108 غزوة ذات السلاسل 311
109 سرية أبي عبيدة إلى سيف البحر 314
110 بسم الله الرحمن الرحيم 317
111 قصة حاطب بن أبي بلتعة 323
112 فصل 325
113 فصل 328
114 فصل 329
115 صفة دخوله مكة 334
116 فصل 354
117 بعث خالد بن الوليد لهدم العزى 361
118 فصل في مدة إقامته (ع) بمكة 362
119 فصل فيما حكم (ع) بمكة من الأحكام 363
120 فصل 364
121 غزوة هوازن يوم حنين 368
122 الوقعة وما كان أول الأمر من الفرار ثم العاقبة للمتقين 373
123 فصل 384
124 غزوة أوطاس 385
125 من استشهد يوم حنين وأوطاس 388
126 ما قيل من الأشعار في غزوة هوازن 388
127 بسم الله الرحمن الرحيم - غزوة الطائف 394
128 مرجعه (ع) من الطائف وقسمة غنائم هوازن 403
129 قدوم مالك بن عوف النصري على الرسول 413
130 إعتراض بعض أهل الشقاق على الرسول 415
131 مجيء أخت رسول الله (ص) من الرضاعة عليه بالجعرانة 416
132 عمرة الجعرانة في ذي القعدة 419
133 إسلام كعب بن زهير بن أبي سلمى وذكر قصيدته: بانت سعاد 422
134 الحوادث المشهورة في سنة ثمان والوفيات 430