الإراشي حتى وقف على نادي قريش ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في ناحية المسجد. فقال: يا معشر قريش من رجل يعديني على أبي الحكم بن هشام، فإني غريب وابن سبيل، وقد غلبني على حقي؟
فقال أهل المجلس ترى ذلك - يهزون به (1) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لما يعلمون ما بينه وبين أبي جهل من العداوة، إذهب إليه فهو يعديك عليه. فأقبل الإراشي حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقام معه. فلما رأوه قام معه قالوا لرجل ممن معهم اتبعه فانظر ما يصنع؟ فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءه فضرب عليه بابه. فقال: من هذا؟ قال محمد فاخرج! فخرج إليه وما في وجهه قطرة دم (2)، وقد انتقع لونه. فقال: أعط هذا الرجل حقه، قال: لا تبرح حتى أعطيه الذي له. قال فدخل فخرج إليه بحقه فدفعه إليه، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال للإراشي إلحق لشأنك. فأقبل الإراشي حتى وقف على ذلك المجلس فقال جزاه الله خير، فقد أخذت (3) الذي لي، وجاء الرجل الذي بعثوا معه فقالوا ويحك ماذا رأيت؟ قال عجبا من العجب، والله ما هو إلا أن ضرب عليه بابه فخرج وما معه روحه فقال: اعط هذا الرجل حقه. فقال: نعم! لا تبرح حتى أخرج إليه حقه، فدخل فأخرج إليه حقه فأعطاه [إياه]. ثم لم يلبث أن جاء أبو جهل فقالوا له ويلك مالك فوالله ما رأينا مثل ما صنعت؟ فقال: ويحكم والله ما هو إلا أن ضرب علي بأبي وسمعت صوته فملئت رعبا، ثم خرجت إليه وإن فوق رأسه لفحلا من الإبل ما رأيت مثل هامته، ولا قصرته ولا أنيابه لفحل قط، فوالله لو أبيت لأكلني (4).
فصل وقال البخاري: حدثنا عباس (5) بن الوليد، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثني الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم [بن الحارث] التيمي، حدثني عروة بن الزبير.
سألت ابن [عمرو بن] العاص فقلت: أخبرني بأشد شئ صنعه المشركون برسول الله؟ قال:
بينما النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في حجر الكعبة، إذ أقبل عليه عقبة بن أبي معيط فوضع ثوبه على عنقه فخنقه خنقا شديدا، فأقبل أبو بكر رضي الله عنه حتى أخذ بمنكبه ودفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم) [المؤمنين: 28] الآية. تابعه ابن إسحاق قال أخبرني يحيى بن عروة عن أبيه قال: قلت لعبد الله بن عمرو. وقال عبدة عن هشام عن أبيه قال قيل لعمرو بن العاص. وقال محمد بن عمرو عن أبي سلمة حدثني عمرو بن العاص. قال