العباس بن عبد الله بن معبد، عن بعض أهله عن عبد الله بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يومئذ: " إني قد عرفت أن رجالا من بني هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرها لا حاجة لهم بقتالنا، فمن لقي منكم أحدا من بني هاشم فلا يقتله ومن لقي أبا البختري بن هشام بن الحارث بن أسد فلا يقتله، ومن لقي العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يقتله، فإنه إنما خرج مستكرها " فقال أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة: أنقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا ونترك العباس، والله لئن لقيته لألحمنه بالسيف. فبلغت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لعمر: " يا أبا حفص " قال عمر: والله إنه لأول يوم كناني فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي حفص، أيضرب وجه عم رسول الله بالسيف؟ " فقال عمر: يا رسول الله دعني فلأضرب عنقه بالسيف فوالله لقد نافق. فقال أبو حذيفة: ما أنا بآمن من تلك الكلمة التي قلت يومئذ، ولا أزال منها خائفا إلا أن تكفرها عني الشهادة فقتل يوم اليمامة شهيدا رضي الله عنه.
مقتل أبي البختري بن هشام قال ابن إسحاق: وإنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل أبي البختري لأنه كان أكف القوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة (1). كان لا يؤذيه ولا يبلغه عنه شئ يكرهه، وكان ممن قام في نقض الصحيفة فلقيه المجذر بن ذياد البلوي حليف الأنصار فقال له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عن قتلك ومع أبي البختري زميل له خرج معه من مكة وهو جنادة بن مليحة وهو من بني ليث. قال وزميلي؟
فقال له المجذر (2) لا والله ما نحن بتاركي زميلك، ما أمرنا رسول الله إلا بك وحدك، قال لا والله إذا لأموتن أنا وهو جميعا لا يتحدث عني نساء قريش بمكة أني تركت زميلي حرصا على الحياة. وقال أبو البختري وهو ينازل المجذر:
لن يترك (3) ابن حرة زميله * حتى يموت أو يرى سبيله قال: فاقتتلا فقتله المجذر بن ذياد وقال في ذلك:
إما جهلت أو نسيت نسبي * فأثبت النسبة إني من بلى الطاعنين برماح اليزني * والطاعنين الكبش حتى ينحني (4)