بسم الله الرحمن الرحيم باب كيف بدأ الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، وذكر أول شئ أنزل عليه من القرآن العظيم كان ذلك وله صلى الله عليه وآله من العمر أربعون سنة. وحكى ابن جرير (1) عن ابن عباس وسعيد بن المسيب: أنه كان عمره إذ ذاك ثلاثا وأربعين سنة.
قال البخاري (2): حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها. أنها قالت: أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وآله من الوحي الرؤيا الصالحة (3) في النوم، وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء فكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه - وهو التعبد - الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى جاءه الحق وهو في غار حراء. فجاءه الملك فقال: اقرأ. فقال: ما أنا بقارئ. قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني.
فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني.
فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد. ثم أرسلني فقال: (اقرأ بسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم) [أول سورة العلق] فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وآله يرجف فؤاده فدخل على خديجة بنت خويلد. فقال: زملوني زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع. فقال لخديجة وأخبرها الخبر - لقد خشيت على نفسي. فقالت خديجة: كلا والله لا يخزيك الله أبدا. إنك