الترمذي حسن صحيح لا نعرفه إلا من حديث سفيان الثوري فعلى هذا يكون دخوله بها عليه السلام بعد الهجرة بسبعة أشهر - أو ثمانية أشهر - وقد حكى القولين ابن جرير، وقد تقدم في تزويجه عليه السلام بسودة كيفية تزويجه ودخوله بعائشة بعد ما قدموا المدينة وان دخوله بها كان بالسنح نهارا وهذا خلاف ما يعتاده الناس اليوم، وفي دخوله عليه السلام بها في شوال ردا لما يتوهمه (1) بعض الناس من كراهية الدخول بين العيدين خشية المفارقة بين الزوجين وهذا ليس بشئ لما قالته عائشة رادة على من توهمه من الناس في ذلك الوقت: تزوجني في شوال، وبنى بي في شوال - أي دخل بي - في شوال، فأي نسائه كان أحظى عنده مني؟ فدل هذا على أنها فهمت منه عليه السلام أنها أحب نسائه إليه، وهذا الفهم منها صحيح لما دل على ذلك من الدلائل الواضحة، ولو لم يكن إلا الحديث الثابت في صحيح البخاري عن عمرو بن العاص: قلت يا رسول الله أي الناس أحب إليك؟ قال: " عائشة " قلت من الرجال قال " أبوها ".
فصل قال ابن جرير: وفي هذه السنة - يعني السنة الأولى من الهجرة - زيد في صلاة الحضر - فيما قيل - ركعتان، وكانت صلاة الحضر والسفر ركعتين، وذلك بعد مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بشهر في ربيع الآخر لمضي ثنتي عشرة ليلة مضت، وقال: وزعم الواقدي أنه لا خلاف بين أهل الحجاز فيه.
قلت: قد تقدم الحديث الذي رواه البخاري: من طريق معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: فرضت الصلاة أول ما فرضت ركعتين، فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر. وروى من طريق الشعبي عن مسروق عنها. وقد حكى البيهقي عن الحسن البصري أن صلاة الحضر أول ما فرضت فرضت أربعا والله أعلم. وقد تكلمنا على ذلك في تفسير سورة النساء عند قوله تعالى: (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) الآية [النساء: 101].