الخمر إنما حرمت بالمدينة بعد وقعة بني النضير كما سيأتي بيانه فالظاهر أن عزم الأعشى على القدوم للاسلام إنما كان بعد الهجرة وفي شعره ما يدل على ذلك وهو قوله:
ألا أيها ذا السائلي أين يممت * فإن لها في أهل يثرب موعدا وكان الأنسب والأليق بابن هشام أن يؤخر ذكر هذه القصة إلى ما بعد الهجرة ولا يوردها هاهنا والله أعلم. قال السهيلي: وهذه غفلة من ابن هشام ومن تابعه فإن الناس مجمعون على أن الخمر لم ينزل تحريمها إلا في المدينة بعد أحد. وقد قال: وقيل إن القائل للأعشى هو أبو جهل بن هشام في دار عتبة بن ربيعة. وذكر أبو عبيدة أن القائل له ذلك هو عامر بن الطفيل في بلاد قيس وهو مقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وقوله. ثم آته فأسلم - لا يخرجه عن كفره بلا خلاف والله أعلم.
ثم ذكر ابن إسحاق هاهنا قصة الإراشي وكيف استعدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبي جهل في ثمن الجمل الذي ابتاعه منه، وكيف أذل الله أبا جهل وأرغم أنفه حتى أعطاه ثمنه في الساعة الراهنة وقد قدمنا ذلك في ابتداء الوحي وما كان من أذية المشركين عند ذلك.
قصة مصارعة ركانة وكيف أراه الشجرة التي دعاها فأقبلت صلى الله عليه وسلم قال ابن إسحاق: وحدثني أبي إسحاق بن يسار قال: وكان ركانة (1) بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب (2) بن عبد مناف أشد قريشا، فخلا يوما برسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض شعاب مكة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا ركانة ألا تتقي الله وتقبل ما أدعوك إليه؟ قال: إني لو أعلم أن الذي تقول حق لاتبعتك فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أفرأيت إن صرعتك أتعلم أن ما أقول حق؟ ".
قال نعم! قال: " فقم حتى أصارعك ". قال فقام ركانة إليه فصارعه فلما بطش به رسول الله صلى الله عليه وسلم أضجعه لا يملك من نفسه شيئا ثم قال عد يا محمد فعاد فصرعه. فقال: يا محمد، والله إن هذا للعجب، أتصرعني؟ قال [رسول الله صلى الله عليه وسلم]: " وأعجب من ذلك إن شئت أريكه إن اتقيت الله واتبعت أمري "؟. قال وما هو؟ قال: " أدعو لك هذه الشجرة التي ترى فتأتيني ". قال: