وعهد إلى من وراءه من قومه إن قتلت هذا اليوم فأموالي لمحمد يرى فيها ما أراه الله - وكان كثير الأموال - ثم لحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فقاتل حتى قتل رضي الله عنه، قال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيما بلغني " مخيريق خير يهود " (1).
فصل ثم ذكر ابن إسحاق من مال إلى هؤلاء الأضداد من اليهود من المنافقين من الأوس والخزرج فمن الأوس زوى بن الحارث، وجلاس بن سويد بن الصامت الأنصاري وفيه نزل: (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم) [التوبة: 74] وذلك أنه قال حين تخلف عن غزوة تبوك لئن كان هذا الرجل صادقا لنحن شر من الحمر، فنماها ابن امرأته عمير بن سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنكر الجلاس ذلك وحلف ما قال فنزل فيه ذلك. قال وقد زعموا أنه تاب وحسنت توبته حتى عرف منه الاسلام والخير قال وأخوه الحارث بن سويد، وهو الذي قتل المجذر بن ذياد البلوي وقيس بن زيد أحد بني ضبيعة يوم أحد، خرج مع المسلمين وكان منافقا فلما التقى الناس عدا عليهما فقتلهما ثم لحق بقريش.
قال ابن هشام: وكان المجذر قد قتل أباه سويد بن الصامت في بعض حروب (2) الجاهلية فأخذ بثأر أبيه منه يوم أحد، كذا قال ابن هشام. وقد ذكر ابن إسحاق أن الذي قتل سويد بن الصامت إنما هو معاذ بن عفراء قتله في غير حرب قبل يوم بعاث رماه بسهم فقتله. وأنكر ابن هشام أن يكون الحارث قتل قيس بن زيد، قال لان ابن إسحاق لم يذكره في قتلى أحد.
قال ابن إسحاق: وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم. أمر عمر بن الخطاب بقتله ان هو ظفر به، فبعث الحارث إلى أخيه الجلاس يطلب له التوبة ليرجع إلى قومه، فأنزل الله - فيما بلغني عن ابن عباس (كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين) [آل عمران: 86] إلى آخر القصة. قال: وبجاد بن عثمان بن عامر، ونبتل بن الحارث وهو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أحب أن ينظر إلى شيطان فلينظر إلى هذا " وكان جسيما أدلم (3) ثائر شعر الرأس أحمر العينين أسفع الخدين، وكان يسمع الكلام من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ينقله إلى المنافقين وهو الذي قال: إنما محمد أذن، من حدثه بشئ صدقه.