عبد الرزاق، ثنا معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة قال:
وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحزورة فقال: " علمت أنك خير أرض الله وأحب الأرض إلى الله، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت " (1) وكذا رواه النسائي من حديث معمر به. قال الحافظ البيهقي وهذا وهم من معمر، وقد رواه بعضهم عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة وهو أيضا وهم والصحيح رواية الجماعة (2). وقال أحمد أيضا حدثنا إبراهيم بن خالد، ثنا رباح، عن معمر. عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن أبي سلمة عن بعضهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو في سوق الحزورة: " والله إنك لخير أرض الله وأحب الأرض إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت " ورواه الطبراني عن أحمد بن خليد الحلبي عن الحميدي عن الدراوردي عن ابن أخي الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن عبد الله بن عدي بن الحمراء به. فهذه طرق هذا الحديث، وأصحها ما تقدم والله أعلم.
وقائع السنة الأولى من الهجرة اتفق الصحابة رضي الله عنهم في سنة ست عشرة - وقيل سنة سبع عشرة، أو ثماني عشرة - في الدولة العمرية على جعل ابتداء التاريخ الاسلامي من سنة الهجرة، وذلك أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه رفع إليه صك - أي حجة - لرجل على آخر وفيه، إنه يحل عليه في شعبان. فقال عمر: أي شعبان؟ أشعبان هذه السنة التي نحن فيها أو السنة الماضية، أو الآتية؟ ثم جمع الصحابة فاستشارهم في وضع تاريخ يتعرفون به حلول الديون وغير ذلك. فقال قائل: أرخوا كتاريخ الفرس فكره ذلك، وكانت الفرس يؤرخون بملوكهم واحدا بعد واحد. وقال قائل:
أرخوا بتاريخ الروم. وكانوا يؤرخون بملك إسكندر بن فلبس المقدوني فكره ذلك. وقال آخرون أرخوا بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال آخرون بل بمبعثه، وقال آخرون بل بهجرته، وقال آخرون بل بوفاته عليه السلام. فمال عمر رضي الله عنه إلى التاريخ بالهجرة لظهوره واشتهاره. واتفقوا معه على ذلك.
وقال البخاري في صحيحة: التاريخ ومتى أرخوا التاريخ. حدثنا عبد الله بن مسلم ثنا عبد العزيز عن أبيه عن سهل بن سعد. قال: ما عدوا من مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ولا من وفاته، ما عدوا إلا من مقدمة المدينة.