ثوى في قريش بضع عشرة حجة * يذكر لو يلقى صديقا مواتيا وهكذا رواه ابن جرير عن الحارث عن محمد بن سعد عن الواقدي خمس عشرة حجة، وهو قول غريب جدا، وأغرب منه ما قال ابن جرير: حدثت عن روح بن عبادة ثنا سعيد عن قتادة قال: نزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثماني سنين بمكة، وعشرا بالمدينة. وكان الحسن يقول: عشرا بمكة، وعشرا بالمدينة، وهذا القول الآخر الذي ذهب إليه الحسن البصري من أنه أقام بمكة عشر سنين ذهب إليه أنس بن مالك وعائشة وسعيد بن المسيب وعمرو بن دينار فيما رواه ابن جرير عنهم، وهو رواية عن ابن عباس رواها أحمد بن حنبل عن يحيى بن سعيد عن هشام عن عكرمة عن ابن عباس. قال: أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وأربعين، فمكث بمكة عشرا وقد قدمنا عن الشعبي أنه قال: قرن إسرافيل برسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين يلقى إليه الكلمة والشئ وفي رواية يسمع حسه ولا يرى شخصه، ثم كان بعد ذلك جبريل. وقد حكى الواقدي عن بعض مشايخه أنه أنكر قول الشعبي هذا، وحاول ابن جرير (1) أن يجمع بين قول من قال إنه عليه السلام أقام بمكة عشرا، وقول من قال ثلاث عشرة بهذا الذي ذكره الشعبي والله أعلم.
فصل ولما حل الركاب النبوي بالمدينة، وكان أول نزوله بها في دار بني عمرو بن عوف وهي قباء كما تقدم فأقام بها - أكثر ما قيل - ثنتين وعشرين ليلة، وقيل ثماني عشرة ليلة. وقيل بضع عشرة ليلة وقال موسى بن عقبة: ثلاث ليال. والأشهر ما ذكره ابن إسحاق وغيره أنه عليه السلام أقام فيهم بقباء من يوم الاثنين إلى يوم الجمعة، وقد أسس في هذه المدة المختلف في مقدارها - على ما ذكرناه - مسجد قباء، وقد ادعى السهيلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسسه في أول يوم قدم إلى قباء وحمل على ذلك قوله تعالى: (لمسجد أسس على التقوى من أول يوم) ورد قول من أعربها: من تأسيس أول يوم، وهو مسجد شريف فاضل نزل فيه قوله تعالى: (لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه، فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين) [التوبة: 108] كما تكلمنا على تقرير ذلك في التفسير وذكرنا الحديث الذي في صحيح (2) مسلم أنه مسجد المدينة والجواب عنه. وذكرنا الحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدثنا حسن بن محمد ثنا أبو إدريس ثنا