فصل في سبب هجرة (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريمة قال الله تعالى: (وقل ربي أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا) [الاسراء: 80] أرشده الله وألهمه أن يدعو بهذا الدعاء [و] أن يجعل له مما هو فيه فرجا قريبا ومخرجا عاجلا، فأذن له تعالى في الهجرة إلى المدينة النبوية حيث الأنصار والأحباب، فصارت له دارا وقرارا، وأهلها له أنصارا.
قال أحمد بن حنبل وعثمان بن أبي شيبة: عن جرير عن قابوس بن أبي ظبيان (2) عن أبيه عن ابن عباس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فأمر بالهجرة وأنزل عليه: (وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا) (3) وقال قتادة: (أدخلني مدخل صدق) المدينة (وأخرجني مخرج صدق) الهجرة من مكة (واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا) كتاب الله وفرائضه وحدوده (4).
قال ابن إسحاق: وأقام رسول الله بمكة بعد أصحابه من المهاجرين ينتظر أن يؤذن له في الهجرة ولم يتخلف معه بمكة إلا من حبس أو فتن (5)، إلا علي بن أبي طالب وأبو بكر بن أبي قحافة رضي الله عنهما وكان أبو بكر كثيرا ما يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة فيقول له: لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحبا " فيطمع أبو بكر أن يكونه. فلما رأت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صار له شيعة وأصحاب من غيرهم بغير بلدهم، ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم، عرفوا أنهم