جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة في خميل وقربة ووسادة أدم حشوها إذخر (1). ونقل البيهقي عن كتاب المعرفة لأبي عبد الله بن منده أن عليا تزوج فاطمة بعد سنة من الهجرة وابتنى بها بعد ذلك لسنة أخرى (2).
قلت: فعلى هذا يكون دخوله بها في أوائل السنة الثالثة من الهجرة فظاهر سياق حديث الشارفين يقتضي أن ذلك عقب وقعة بدر بيسير فيكون ذلك كما ذكرناه في أواخر السنة الثانية والله أعلم.
فصل جمل من الحوادث سنة ثنتين من الهجرة تقدم ما ذكرناه من تزويجه عليه السلام بعائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، وذكرنا ما سلف من الغزوات المشهورة وقد تضمن ذلك وفيات أعيان من المشاهير من المؤمنين والمشركين، فكان ممن توفي فيها الشهداء يوم بدر وهم أربعة عشر ما بين مهاجري وأنصار تقدم تسميتهم، والرؤساء من مشركي قريش وقد كانوا سبعين رجلا على المشهور، وتوفي بعد الوقعة بيسير أبو لهب عبد العزى بن عبد المطلب لعنه الله كما تقدم، ولما جاءت البشارة إلى المؤمنين من أهل المدينة مع زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة بما أحل الله بالمشركين وبما فتح على المؤمنين وجدوا رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توفيت وساووا عليها التراب. وكان زوجها عثمان بن عفان قد أقام عندها يمرضها بأمر النبي صلى الله عليه وسلم له بذلك. ولهذا ضرب له بسهمه في مغانم بدر وأجره عند الله يوم القيامة، ثم زوجه بأختها الأخرى أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا كان يقال لعثمان بن عفان ذو النورين ويقال إنه لم يغلق أحد على ابنتي نبي واحدة بعد الأخرى غيره رضي الله عنه وأرضاه. وفيها حولت القبلة كما تقدم وزيد في صلاة الحضر على ما سلف، وفيها فرض الصيام صيام رمضان كما تقدم، وفيها فرضت الزكاة ذات النصب، وفرضت زكاة الفطر وفيها خضع المشركون من أهل المدينة واليهود الذين هم بها من بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة ويهود بني حارثة وصانعوا المسلمين وأظهر الاسلام طائفة كثيرة من المشركين واليهود وهم في الباطن منافقون منهم من هو على ما كان عليه ومنهم من انحل بالكلية فبقي مذبذبا لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء كما وصفهم الله في كتابه.