البداية والنهاية - ابن كثير - ج ٣ - الصفحة ١٦٦
فصل في ذهابه صلى الله عليه وسلم إلى أهل الطائف يدعوهم إلى دين الله قال ابن إسحاق: فلما هلك أبو طالب نالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأذى ما لم تكن نالته منه في حياة عمه أبي طالب، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف يلتمس من ثقيف النصرة والمنعة بهم من قومه، ورجا أن يقبلوا منه ما جاءهم به من الله تعالى، فخرج إليهم وحده. [قال ابن إسحاق] فحدثني يزيد بن أبي زياد عن محمد بن كعب القرظي. قال: انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف وعمد إلى نفر من ثقيف هم سادة ثقيف وأشرافهم وهم أخوة ثلاثة، عبد يا ليل، ومسعود، وحبيب بنو عمرو بن عمير بن عوف بن عقدة بن غيرة بن عوف بن ثقيف. وعند أحدهم امرأة من قريش من بني جمح، فجلس إليهم فدعاهم إلى الله وكلمهم لما جاءهم له من نصرته على الاسلام والقيام معه على من خالفه من قومه، فقال أحدهم: هو يمرط (1) ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك. وقال الآخر: أما وجد الله أحدا أرسله غيرك؟ وقال الثالث والله لا أكلمك أبدا لئن كنت رسولا من الله كما تقول لأنت أعظم خطرا من أن أرد عليك الكلام ولئن كنت تكذب على الله ما ينبغي لي أن أكلمك (2) فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندهم وقد يئس من خير ثقيف، وقد قال لهم - فيما ذكر لي - إن فعلتم ما فعلتم فاكتموا علي وكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ قومه عنه فيذئرهم (3) ذلك عليه. فلم يفعلوا وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم، يسبونه ويصيحون به، حتى اجتمع عليه الناس وألجؤه إلى حائط لعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وهما فيه، ورجع عنه من سفهاء ثقيف من كان يتبعه. فعمد إلى ظل حبلة (4) من عنب فجلس فيه وابنا ربيعة ينظران إليه، ويريان ما يلقى من سفهاء أهل الطائف، وقد لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكر لي - المرأة التي من بني جمح، فقال لها ماذا لقينا من أحمائك. فلما اطمأن قال - فيما ذكر [لي] - " اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي إلى من تكلني، إلى بعيد يتجمهني أم إلى عدو ملكته أمري. إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات (5)، وصلح عليه أمر

(١) يمرط ثياب الكعبة: أي ينزعه ويرمي به.
(٢) في دلائل البيهقي من رواية موسى بن عقبة: والله لا أكلمك بعد مجلسك هذا أبدا والله لئن كنت رسول الله لأنت أعظم شرفا وحقا من أن أكلمك، ولئن كنت تكذب. على الله لأنت أشر من أن أكلمك.
(٣) يذئرهم أي يثيرهم عليه ويجرئهم.
(٤) حبلة: طاقات من قضبان العنب وزاد السهيلي: والكرمة. وفي النهاية: الأصل أو القضيب من شجر الأعناب.
(5) ينقسم الوجه إلى موطنين إذا ذكر في الكتاب والسنة: ففي موطن تقرب واسترضاء بعمل كقوله تعالى:
(يريدون وجهه). فالمطلوب هنا رضاه وقبوله للعمل.
والموطن الثاني من مواطن ذكر الوجه يراد به ما ظهر إلى القلوب والبصائر من أوصاف جلاله ومجده. أما النور فعبارة عن الظهور وانكشاف الحقائق الإلهية وبه أشرقت الظلمات أي أشرق محالها (أنظر الروض الآنف).
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب كيفية بدء الوحي 5
2 ذكر عمره (ص) وقت بعثته وتاريخها 7
3 فصل 23
4 فصل 25
5 فصل في كيفية بدء إتيان الوحي إلى رسول الله (ص) 29
6 فصل 31
7 فصل 32
8 فصل أول من أسلم من متقدمي الإسلام والصحابة وغيرهم 34
9 إسلام حمزة بن عبد المطلب عم النبي (ص) 44
10 ذكر إسلام أبي ذر رضي الله عنه 45
11 ذكر إسلام ضماد 48
12 باب الأمر بإبلاغ الرسالة 50
13 قصة الأراشي 59
14 فصل 60
15 فصل 62
16 فصل في مبالغتهم في الأذية لآحاد المسلمين المستضعفين 64
17 فصل فيما اعترض به المشركون على رسول الله (ص)... إلخ 65
18 فصل 74
19 باب مجادلة المشركين رسول الله (ص) وإقامة الحجة الدامغة عليهم.. إلخ 78
20 باب هجرة أصحاب رسول الله من مكة إلى أرض الحبشة 84
21 فصل 104
22 فصل 105
23 عزم الصديق على الهجرة إلى الحبشة 117
24 فصل 119
25 نقض الصحيفة 119
26 فصل 123
27 قصة أعشى بن قيس 126
28 قصة مصارعة ركانة - وكيف أراه (ص) الشجرة التي دعاها فأقبلت 128
29 فصل 133
30 فصل 134
31 فصل الإسراء برسول الله (ص) من مكة إلى بيت المقدس 135
32 فصل 145
33 فصل إنشقاق القمر في زمان النبي (ص) 146
34 فصل وفاة أبي طالب عم رسول الله (ص) 151
35 فصل موت خديجة بنت خويلد 156
36 فصل في تزويجه (ص) بعد خديجة بعائشة ثم سودة 160
37 فصل 164
38 فصل في ذهابه (ص) إلى الطائف يدعوهم إلى دين الله 166
39 فصل 168
40 فصل في عرض رسول الله (ص) نفسه الكريمة على أحياء العرب 169
41 فصل قدوم وفد الأنصار عاما بعد عام حتى بايعوا رسول الله (ص) بيعة بعد بيعة ثم بعد ذلك تحول إليهم رسول الله (ص) إلى المدينة 179
42 إسلام إياس بن معاذ 180
43 باب بدء إسلام الأنصار رضي الله عنهم 181
44 قصة بيعة العقبة الثانية 192
45 فصل 203
46 باب الهجرة من مكة إلى المدينة 206
47 فصل في سبب هجرة رسول الله (ص) بنفسه الكريمة 214
48 باب هجرة رسول الله (ص) بنفسه الكريمة من مكة إلى المدينة ومعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه 217
49 فصل في دخوله (ع) المدينة وأين استقر منزله 240
50 فصل 249
51 وقائع السنة الأولى من الهجرة 251
52 فصل 254
53 فصل في إسلام عبد الله بن سلام 255
54 فصل 258
55 ذكر خطبة رسول الله (ص) يومئذ 259
56 فصل في بناء مسجده الشريف ومقامه بدار أبي أيوب 261
57 تنبيه على فضل هذا المسجد الشريف 266
58 فصل 267
59 فصل فيما أصاب المهاجرين من حمى المدينة 268
60 فصل في عقده (ع) الألفة بين المهاجرين والأنصار بالكتاب الذي أمر به فكتب بينهم، والمؤاخاة التي أمرهم بها وقررها عليهم وموادعته اليهود الذين كانوا بالمدينة 272
61 فصل في مؤاخاة النبي (ص) بين المهاجرين والأنصار 277
62 فصل 280
63 فصل في ميلاد عبد الله بن الزبير في شوال سنة الهجرة 282
64 فصل وبنى رسول الله (ص) بعائشة في شوال من هذه السنة 282
65 فصل 283
66 فصل في الأذان ومشروعيته 284
67 فصل في سرية حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه 286
68 فصل في سرية عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب 287
69 فصل 287
70 فصل 288
71 ذكر ما وقع في السنة الثانية من الهجرة 289
72 كتاب المغازي 289
73 فصل 291
74 فصل 294
75 فصل أول المغازي وهي غزوة الأبواء أو غزوة ودان 295
76 غزوة بواط من ناحية رضوى 301
77 غزوة بدر الأولى 303
78 باب سرية عبد الله بن جحش 304
79 فصل في تحويل القبلة في سنة ثنتين من الهجرة قبل وقعة بدر 308
80 فصل في فريضة شهر رمضان سنة ثنتين قبل وقعة بدر 311
81 غزوة بدر العظمى يوم الفرقان يوم التقى الجمعان 313
82 مقتل أبي البختري بن هشام 348
83 فصل في مقتل أمية بن خلف 349
84 مقتل أبي جهل لعنه الله 350
85 رده (ع) عين قتادة 355
86 فصل قصة أخرى شبيهة بها 356
87 طرح رؤوس الكفر في بئر يوم بدر 357
88 فصل 361
89 فصل 365
90 فصل 367
91 فصل 369
92 مقتل النضر بن الحارث وعقبة بن أبي لعنهما الله 372
93 ذكر فرح النجاشي بوقعة بدر 374
94 وصول خبر مصاب أهل بدر إلى أهاليهم بمكة 375
95 بعث قريش إلى رسول الله (ص) فداء أسراهم 377
96 فصل 382
97 فصل 383
98 أسماء أهل بدر مرتبة على حروف المعجم - 383
99 حرف الألف 383
100 حرف الباء 384
101 حرف التاء 384
102 حرف الثاء 384
103 حرف الجيم 385
104 حرف الحاء 385
105 حرف الخاء 386
106 حرف الذال 386
107 حرف الراء 387
108 حرف الزاي 387
109 حرف السين 387
110 حرف الشين 388
111 حرف الصاد 388
112 حرف الضاد 388
113 حرف الطاء 389
114 حرف الظاء 389
115 حرف العين 389
116 حرف الغين 391
117 حرف الفاء 391
118 حرف القاف 392
119 حرف الكاف 392
120 حرف الميم 392
121 حرف النون 393
122 حرف الهاء 393
123 حرف الواو 393
124 حرف الياء 394
125 باب الكنى 394
126 فصل 394
127 فصل في فضل من شهد بدرا من المسلمين 398
128 قدوم زينب بنت الرسول (ص) من مكة إلى المدينة 399
129 ما قيل من الأشعار في بدر العظمى 403
130 فصل 411
131 فصل في غزوة بني سليم سنة ثنتين من الهجرة 415
132 فصل جمل من الحوادث سنة ثنتين من الهجرة 419