كما صنع بالأمس فأكلوا حتى نهلوا عنه، ثم سقيتهم من ذلك القعب حتى نهلوا، وأيم الله إن كان الرجل ليأكل مثلها وليشرب مثلها. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم شابا من العرب جاء قومه بأفضل من ما جئتكم به. إني قد جئتكم بأمر الدنيا والآخرة " (1). هكذا رواه البيهقي من طريق يونس بن بكير عن ابن إسحاق عن شيخ أبهم اسمه (2) عن عبد الله بن الحارث به. وقد رواه أبو جعفر بن جرير عن محمد بن حميد الرازي عن سلمة بن الفضل الأبرش عن محمد بن إسحاق عن عبد الغفار أبو مريم بن القاسم عن المنهال بن عمرو عن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس عن علي فذكر مثله. وزاد بعد قوله: " وإني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على هذا الامر على أن يكون أخي " وكذا وكذا. قال فأحجم القوم عنها جميعا، وقلت ولاني لأحدثهم سنا وأرمصهم عينا، وأعظمهم بطنا، وأخمشهم ساقا، أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه فأخذ برقبتي فقال: " إن هذا أخي وكذا وكذا فاسمعوا له وأطيعوا ". قال فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع! تفرد به عبد الغفار بن القاسم أبو مريم وهو كذاب شيعي اتهمه علي بن المديني وغيره بوضع الحديث وضعفه الباقون. ولكن روى ابن أبي حاتم في تفسيره عن أبيه، عن الحسن بن عيسى بن ميسرة الحارثي، عن عبد الله بن عبد القدوس، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عبد الله بن الحارث. قال: قال علي: لما نزلت هذه الآية: (وأنذر عشيرتك الأقربين). قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إصنع لي رجل شاة بصاع من طعام، وإنا لبنا، وأدع لي بني هاشم فدعوتهم وإنهم يومئذ لاربعون غير رجل، أو أربعون ورجل فذكر القصة نحو ما تقدم إلى أن قال: وبدرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الكلام. فقال: " أيكم يقضي عني ديني ويكون خليفتي في أهلي؟ " قال فسكتوا وسكت العباس خشية أن يحيط ذلك بماله، قال وسكت أنا لسن العباس. ثم قالها مرة أخرى فسكت العباس، فلما رأيت ذلك قلت: أنا يا رسول الله، قال أنت؟ قال وإني يومئذ لأسوأهم هيئة، وإني لأعمش العينين، ضخم البطن، خمش الساقين. وهذه الطريق فيها شاهد لما تقدم إلا أنه لم يذكر ابن عباس فيها فالله أعلم. وقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث عباد بن عبد الله
(٥٣)