[فصل فيما كان من] (1) أمر بني إسرائيل بعد هلاك فرعون قال الله تعالى: (فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين.
وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون.
وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم. قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون. إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون. قال أغير الله أبغيكم إلها وهو فضلكم على العالمين. وإذ أنجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يقتلون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم) [الأعراف: 136 - 141] يذكر تعالى ما كان من أمر فرعون وجنوده في غرقهم وكيف سلبهم عزهم وما لهم وأنفسهم وأورث بني إسرائيل جميع أموالهم وأملاكهم كما قال (كذلك وأورثناها بني إسرائيل) [الشعراء: 59] وقال (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين) وقال ههنا (وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون) [الأعراف: 137] أي أهلك ذلك جميعه وسلبهم عزهم العزيز العريض في الدنيا وهلك الملك وحاشيته وأمراؤه وجنوده ولم يبق ببلد مصر سوى العامة والرعايا. فذكر ابن عبد الحكم في تاريخ مصر أنه من ذلك الزمان تسلط نساء مصر على رجالها بسبب أن نساء الامراء والكبراء تزوجن بمن دونهن من العامة فكانت لهن السطوة عليهم واستمرت هذه سنة نساء مصر إلى يومنا هذا (2).
وعند أهل الكتاب: أن بني إسرائيل لما أمروا بالخروج من مصر، جعل الله ذلك الشهر أول سنتهم، وأمروا أن يذبح كل أهل بيت حملا من الغنم، فإن كانوا لا يحتاجون إلى حمل فليشترك الجار وجاره فيه فإذا ذبحوه فلينضحوا من دمه على أعتاب أبوابهم ليكون علامة لهم على بيوتهم ولا يأكلونه مطبوخا ولكن مشويا برأسه وأكارعه وبطنه ولا يبقوا منه شيئا ولا يكثروا له عظما ولا يخرجوا منه شيئا إلى خارج بيوتهم، وليكن خبزهم فطيرا سبعة أيام، ابتداؤها من الرابع عشر من الشهر الأول من سنتهم، وكان ذلك في فصل الربيع، فإذا أكلوا فتكن أوساطهم مشدودة، وخفافهم في أرجلهم، وعصيهم في أيديهم، وليأكلوا بسرعة قياما. ومهما فضل عن عشائهم فما بقي إلى الغد فليحرقوه بالنار، وشرع لهم هذا عيدا لأعقابهم ما دامت التوراة معمولا بها، فإذا نسخت بطل شرعها وقد وقع. قالوا وقتل الله عز وجل في تلك الليلة أبكار القبط وأبكار دوابهم ليشتغلوا