عن دخول مدينة الجبارين الذين قالوا (فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون) [المائدة: 24] قاله الثوري عن أبي سعيد، عن عكرمة، عن ابن عباس. وقال قتادة وعكرمة.
ورواه السدي، عن ابن عباس. وابن مسعود وناس من الصحابة، حتى قال ابن عباس وغيره من علماء السلف والخلف ومات موسى وهرون قبله كلاهما في التيه جميعا (1). وقد زعم ابن إسحاق أن الذي فتح بيت المقدس هو موسى وإنما كان يوشع على مقدمته وذكر في مروره (2) إليها قصة بلعام بن باعور الذي قال تعالى فيه (وأتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين * ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب أن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث. ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون. ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون) [الأعراف: 175 - 177] وقد ذكرنا قصته في التفسير وأنه كان فيما قاله ابن عباس وغيره يعلم الاسم الأعظم، وأن قومه سألوه أن يدعو على موسى وقومه، فامتنع عليهم ولما ألحوا عليه ركب حمارة له; ثم سار نحو معسكر بني إسرائيل فلما أشرف عليهم ربضت به حمارته فضربها حتى قامت، فسارت غير بعيد وربضت، فضربها ضربا أشد من الأول، فقامت ثم ربضت، فضربها فقالت له يا بلعام أين تذهب، أما ترى الملائكة أمامي تردني عن وجهي هذا أتذهب إلى نبي الله والمؤمنين تدعو عليهم، فلم ينزع عنها فضربها حتى سارت به، حتى أشرف عليهم من رأس جبل حسبان. ونظر إلى معسكر موسى وبني إسرائيل فأخذ يدعو عليهم فجعل لسانه لا يطيعه إلا أن يدعو لموسى وقومه، ويدعو على قوم نفسه فلاموه على ذلك، فاعتذر إليهم بأنه لا يجري على لسانه إلا هذا، واندلع لسانه حتى وقع على صدره، وقال لقومه: ذهبت مني الآن الدنيا والآخرة ولم يبق إلا المكر والحيلة. ثم أمر قومه أن يزينوا النساء ويبعثوهن بالأمتعة يبعن عليهم ويتعرضن لهم حتى لعلهم يقعون في الزنا، فإنه متى زنى رجل منهم كفيتموهم، ففعلوا وزينوا نساءهم، وبعثوهن إلى المعسكر فمرت امرأة منهم (3) اسمها كستى برجل من عظماء بني إسرائيل وهو زمري بن شلوم. يقال إنه كان رأس سبط بني شمعون بن يعقوب فدخل بها قبته، فلما خلا بها أرسل الله الطاعون على بني إسرائيل، فجعل يحوس فيهم، فلما بلغ الخبر إلى فنحاص بن العزار بن هارون (4) أخذ حربته، وكانت من حديد، فدخل عليها القبة فانتظمهما جميعا فيها، ثم خرج بهما على الناس والحربة في يده، وقد اعتمد على خاصرته وأسندها إلى لحيته ورفعهما نحو السماء وجعل يقول: اللهم هكذا