البداية والنهاية - ابن كثير - ج ١ - الصفحة ٣٧٦
تفعل بمن يعصيك، ورفع الطاعون فكان جملة من مات في تلك الساعة سبعين ألفا والمقلل يقول عشرين ألفا وكان فنحاص بكر أبيه العزار بن هارون فلهذا يجعل بنو إسرائيل لولد فنحاص من الذبيحة اللية (1) والذراع واللحى ولهم البكر من كل أموالهم وأنفسهم. وهذا الذي ذكره ابن إسحاق من قصة بلعام صحيح قد ذكره غير واحد من علماء السلف لكن لعله لما أراد موسى دخول بيت المقدس أول مقدمه من الديار المصرية ولعله مراد بن إسحاق، ولكنه ما فهمه بعض الناقلين عنه وقد قدمنا عن نص التوراة ما يشهد لبعض هذا والله أعلم. ولعل هذه قصة أخرى كانت في خلال سيرهم في التيه فإن في هذا السياق ذكر حسبان وهي بعيدة عن أرض بيت المقدس أو لعله كان هذا لجيش موسى الذين عليهم يوشع بن نون حين خرج بهم من التيه قاصدا بيت المقدس كما صرح به السدي. والله أعلم. وعلى كل تقدير فالذي عليه الجمهور أن هارون توفي بالتيه قبل موسى أخيه بنحو من سنتين. وبعده موسى في التيه أيضا كما قدمنا وأنه سأل ربه أن يقرب إلى بيت المقدس فأجيب إلى ذلك فكان الذي خرج بهم من التيه وقصد بهم بيت المقدس هو يوشع بن نون عليه السلام فذكر أهل الكتاب وغيرهم من أهل التاريخ أنه قطع بني إسرائيل نهر الأردن وانتهى إلى أريحا وكانت من أحصن المدائن سورا وأعلاها قصورا وأكثرها أهلا فحاصرها ستة أشهر. ثم إنهم أحاطوا بها يوما وضربوا بالقرون يعني الأبواق وكبروا تكبيرة رجل واحد فتفسخ سورها وسقط وجبة واحدة فدخلوها وأخذوا ما وجدوا فيها من الغنائم، وقتلوا اثني عشر ألفا من الرجال والنساء، وحاربوا ملوكا كثيرة. ويقال إن يوشع ظهر على أحد وثلاثين ملكا من ملوك الشام. وذكروا أنه انتهى محاصرته لها إلى يوم جمعة بعد العصر. فلما غربت الشمس أو كادت تغرب ويدخل عليهم السبت الذي جعل عليهم وشرع لهم ذلك الزمان قال لها إنك مأمورة وأنا مأمور اللهم احبسها علي فحبسها الله عليه حتى تمكن من فتح البلد، وأمر القمر فوقف عند الطلوع، وهذا يقتضي أن هذه الليلة كانت الليلة الرابعة عشرة من الشهر الأول، وهو قصة الشمس المذكورة في الحديث الذي سأذكره. وأما قصة القمر فمن عند أهل الكتاب ولا ينافي الحديث بل فيه زيادة تستفاد فلا تصدق ولا تكذب ولكن ذكرهم أن هذا في فتح أريحا فيه نظر، والأشبه والله أعلم أن هذا كان في فتح بيت المقدس الذي هو المقصود الأعظم وفتح أريحا كان وسيلة إليه والله أعلم.
قال الإمام أحمد: حدثنا أسود بن عامر، حدثنا أبو بكر، عن هشام، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الشمس لم تحبس لبشر إلا ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس " (2). انفرد به أحمد من هذا الوجه وهو على شرط البخاري. وفيه دلالة على أن الذي فتح بيت المقدس هو يوشع بن نون عليه السلام لا موسى، وأن حبس الشمس كان في فتح بيت

(1) في الطبري: القبة.
(2) مسند أحمد ج 2 / 325.
(٣٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المنهاج في تأليف الكتاب 5
2 فصل 9
3 فصل 10
4 وأما الكرسي 14
5 ذكر اللوح المحفوظ 15
6 ما ورد في خلق السماوات والأرض وما بينهما 16
7 ما جاء في سبع أرضين 20
8 فصل في البحار والأنهار 23
9 فصل 29
10 ذكر ما يتعلق بخلق السماوات وما فيهن من الآيات 30
11 أ - الاجماع على أن السماوات مستديرة ب - حديث سب الدهر ج - اليونانيون ودمشق د - هاروت وماروت المجرة وقوس قزح 40
12 باب ذكر خلق الملائكة وصفاتهم 41
13 فصل 52
14 فصل 60
15 باب خلق الجان وقصة الشيطان 61
16 باب خلق آدم عليه السلام 74
17 احتجاج آدم وموسى عليهما السلام 91
18 الأحاديث الواردة في خلق آدم 95
19 قصة قابيل وهابيل 103
20 وفاة آدم ووصيته إلى ابنه شيث 109
21 إدريس عليه السلام 111
22 قصة نوح عليه السلام 133
23 ذكر شئ من أخبار نوح عليه السلام 133
24 صومه عليه السلام 135
25 حجه عليه السلام 135
26 وصيته لولده 136
27 قصة هود عليه السلام 137
28 قصة صالح نبي ثمود عليه السلام 150
29 ذكر أبي رغال من بني ثمود 158
30 مرور النبي بوادي الحجر من أرض ثمود عام تبوك 159
31 قصة إبراهيم خليل الرحمن 160
32 ذكر مناظرة إبراهيم الخليل مع من ادعى الربوبية وهو أحد العبيد الضعفاء 170
33 هجرة الخليل إلى بلاد الشام ثم الديار المصرية واستقراره في الأرض المقدسة 172
34 ذكر مولد إسماعيل من هاجر 176
35 ذكر مهاجرة إبراهيم بابنه إسماعيل وأمه إلى جبل فاران وهي أرض مكة وبنائه البيت العتيق 176
36 قصة الذبيح 181
37 مولد إسحاق 185
38 بناء البيت العتيق 187
39 ذكر ثناء الله ورسوله الكريم على عبده وخليله إبراهيم 191
40 قصره في الجنة 199
41 صفة إبراهيم عليه السلام 200
42 وفاة إبراهيم وما قيل في عمره 200
43 ذكر أولاد إبراهيم الخليل 202
44 قصة مدين قوم شعيب عليه السلام 212
45 باب ذرية إبراهيم 220
46 إسماعيل عليه السلام 220
47 إسحاق بن إبراهيم عليهما الصلاة والتسليم 222
48 ما وقع من الأمور العجيبة في حياة إسرائيل 227
49 قصة نبي الله أيوب 254
50 قصة ذي الكفل 259
51 باب ذكر أمم أهلكوا بعامة 261
52 قصة قوم يس وهم أصحاب القرية 264
53 قصة يونس 267
54 فضل يونس 272
55 قصة موسى الكليم 273
56 فصل 296
57 هلاك فرعون وجنوده 309
58 امر بني إسرائيل بعد هلاك فرعون 316
59 دخول بني إسرائيل التيه وما فيه من الأمور العجيبة 323
60 سؤال الرؤية 327
61 قصة عبادتهم العجل في غيبة كليم الله عنهم 330
62 حديث آخر بمعنى ما ذكره ابن حبان 338
63 قصة بقرة بني إسرائيل 339
64 قصة موسى والخضر عليهما السلام 341
65 حديث الفتون المتضمن قصة موسى مفصلا من أولها إلى آخرها 347
66 بناء قبة الزمان 356
67 قصة قارون مع موسى عليه السلام 358
68 باب فضائل موسى عليه السلام وشمائله وصفاته ووفاته 362
69 حجته عليه السلام إلى البيت العتيق 366
70 وفاته عليه السلام 367
71 نبوة يوشع وقيامه بأعباء بني إسرائيل بعد موسى وهارون (الأسباط - بلعام - وفاة موسى وهارون - فتح أريحا) 370
72 قصتا الخضر وإلياس عليهما السلام 377
73 ذكر الاختلاف في اسم الخضر ونسبه وزمن وجوده ونبوته، وحياته إلى الآن، مفصلا 378
74 وأما الياس عليه السلام 391