الوجه مربوعا، مشربا حمرة عريض الصدر، شديد البدن، طويل اللحية لم يشب، وكان الرجل الذي لا يقاس به الرجال قوة بدن، وشدة بأس، وشجاعة قلب، وكرم أخلاق، آثر من استحدث من غلمانه الأتراك على المتقدمين من أوليائه ونصحاء آبائه وكان يسمى الخليفة المثمن، لأنه الثامن من خلفاء بنى العباس، وكان مولده سنة 178 وولى الخلافة سنة 218 وملك ثماني سنين وثمانية أشهر وثمانية أيام وفى قول بعضهم انه مات عن ثمانية بنين، وثماني بنات وخلف في بيت المال ثمانية آلاف ألف دينار، وثمانية آلاف ألف درهم وكانت له ثمانية فتوح عظام منها أسر بابك والمازيار بن قارن صاحب جبال طبرستان، وقهره المحمرة من الخرمية، وكانوا مائتي الف، قد غلبوا على بلاد الماهات والجبال، وعظمت شوكتهم، واشتد أمرهم، وأسره البوارج، وهي مراكب الهند.
وكان فيها منهم عسكر عظيم، قد غلبوا على ساحل فارس وعمان وناحية البصرة، ثم إخلاؤه الزط عن البطائح، وما كانوا غلبوا عليه مما دون البصرة ومما بين البصرة وواسط، وقطعهم السبيل، وسفكهم الدماء.
وكانوا خلقا عظيما كثيرا ناقلة عن ناحية الهند لغلاء وقع هناك، فتنقلوا في بلاد كرمان وفارس وكور الأهواز إلى أن صاروا إلى هذه المواضع، فسكنوها، وغلبوا عليها، وعظم أمرهم، واشتد بأسهم، فأنزلهم بلاد خانقين وجلولاء من طريق خراسان وبلاد عين زربة من الثغر الشأمي، ومذ يومئذ صارت الجواميس بالشأم ولم تكن تعرف هنالك.
وقيل إن بدء الجواميس بالثغر الشأمي وسواحل الشأم من جواميس كانت