وكانت ملوك بنى أمية تنكر أن تخاطب كاتبا لها بالوزارة وتقول الوزير مشتق من الوزارة، والخليفة أجل من أن يحتاج إلى الموازرة، وكانت العرب تسمى وزير الملك من ملوك اليمن والشأم والحيرة الراهن والزعيم والكافي والكامل تريد بذلك أنه مرتهن بالتدبير زعيم بصواب الرأي كاف للملك مهمات الأمور كامل الفضائل، وكانت العجم تسمى وزير الملك من ملوكها حامل الثقل ووساد العضد ورئيس الكفاة ومدبر الأمور العظام إذ بهم نظام الأمور وجمال الملك وبهاء السلطان وهم الألسن الناطقة عن الملوك وخزان أموالهم وأمناؤهم على رعيتهم وبلادهم، وأعظم الناس غناء عن الملوك والرعية وأولاهم بالحياء والكرامة وكذلك كان اليونانيون والروم يسمون وزير الملك الذي يدور عليه أمره ويرجع إلى رأيه وتدبيره فلما جاء الله بالاسلام ونزل القرآن فيما قص الله من خبر نبيه موسى عليه السلام في قوله (واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي اشدد به أزرى وأشركه في أمري) استخارت بنو العباس تسمية الكاتب وزيرا فلم يكن الخلفاء والملوك تستوزر إلا الكامل من كتابها، والأمين العفيف من خاصتها، والناصح الصدوق من رجالها، ومن تأمنه على أسرارها وأموالها، وتثق بحزمه وفضل رأيه، وصحة تدبيره في أمورها واستوزر أبو العباس بعد أبي سلمة بالعباس خالد بن برمك وكان نقش خاتمه " الله ثقة عبد الله وبه يؤمن " وقاضيه ابن أبي ليلى الأنصاري ثم الأوسي ويحيى بن سعيد الأنصاري، وحاجبه أبو غسان صالح بن الهيثم مولاه
(٢٩٤)