إن فعل ذلك في مال جزيل ورفع الإتاوة عنه ويخوفه إن أبى ذلك بقصده وتسرية الجيوش إليه، فغدر به رتبيل وسلمه إلى صاحب الحجاج فسار به يريده فألقى ابن الأشعث نفسه من فوق قصر من قصور الرخج فمات، فأخذ رأسه وصير به إلى الحجاج، وذلك في سنة 84. فوجه به الحجاج إلى عبد الملك فوجه به عبد الملك إلى أخيه عبد العزيز بمصر وفى ذلك يقول الشاعر:
يا بعد مصرع جثة من رأسها * رأس بمصر وجثة بالرخج قتلوه بغيا ثم قالوا بايعوا * وجرى البريد برأس أروع أبلج وتوفى عبد الملك بدمشق لعشر خلون من شوال سنة 86، ودفن بها وله اثنتان وستون سنة، وقيل أكثر من ذلك، فكانت أيامه إحدى وعشرين سنة وشهرين وعشرة أيام، وكان أسمر مربوعا، طويل اللحية، يباشر الأمور بنفسه، متيقظا في سلطانه، حازما في رأيه، لا يكل الأمور في أعدائه وأهل حربه إلى غيره حتى يباشرها بنفسه، يركب الخطأ في كثير من أموره فتغره السلامة * وكتب له قبيصة بن ذؤيب الخزاعي، وأبو الزعيزعة، وعمرو بن الحارث مولى بنى عامر بن لؤي، وسرجون بن منصور الرومي وكان نقش خاتمه " آمنت به مخلصا " وعلى قضائه أبو إدريس الخولاني، وعبد الله بن قيس بن عبد مناف وحاجبه يوسف مولاه، وقد حجبه أبو الزعيزعة وفى أيامه كانت وفاة عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بالطائف ذاهب البصر سنة 68، وله إحدى وسبعون سنة، وكان مولده قبل الهجرة بثلاث سنين، وصلى عليه محمد بن الحنفية أبو القاسم محمد بن علي بن أبي طالب، وتوفى محمد بن الحنفية بالمدينة في محرم سنة 81 وله خمس وستون سنة، وصلى عليه أبان بن عثمان، وهو يومئذ والى المدينة لعبد الملك، وللكيسانية من الشيعة فيه خطوب كثيرة طويلة ودعاوى كثيرة.