ووجه معاوية إلى الحسن المغيرة بن شعبة، وعبد الله بن عامر بن كريز، وعبد الرحمن بن أم الحكم، وأتوه، وهو بالمدائن نازل في مضاربه، ثم خرجوا من عنده، وهم يقولون ويسمعون الناس: إن الله قد حقن بابن رسول الله الدماء، وسكن به الفتنة وأجاب إلى الصلح، فاضطرب المسكر ولم يشكك الناس في صدقهم، فوثبوا بالحسن فانتهبوا مضاربه وما فيها، فركب الحسن فرسا له ومضى في مظلم ساباط، وقد كمن الجراح بن سنان الأسدي، فجرحه بمعول في فخذه، وقبض على لحية الجراح ثم لواها فدق عنقه.
وحمل الحسن إلى المدائن وقد نزف نزفا شديدا، واشتدت به العلة، فافترق عنه الناس، وقدم معاوية العراق، فغلب على الامر، والحسن عليل شديد العلة، فلما رأى الحسن أن لا قوة به، وأن أصحابه قد افترقوا عنه فلم يقوموا له، صالح معاوية، وصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وقال: أيها الناس!
إن الله هداكم بأولنا وحقن دماءكم بآخرنا، وقد سالمت معاوية، وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين.