لا تعقلون؟
فجثا معاوية على ركبتيه ثم أخذ بيده وقال: أقسمت عليك! ثم صفق على كفه، ونادى الناس: بايع قيس! فقال، كذبتم، والله، ما بايعت، ولم يبايع لمعاوية أحد إلا أخذ عليه الايمان، فكان أول من استحلف على بيعته، ودخل إليه سعد بن مالك فقال: السلام عليك أيها الملك. فغضب معاوية فقال: ألا قلت السلام عليك يا أمير المؤمنين؟ قال: ذاك إن كنا أمرناك إنما أنت منتز.
وخرج فروة بن نوفل الأشجعي سنة 40، وكان معتزلا بشهرزور في جماعة من الخوارج، فلما بلغه قتل علي وغلبة معاوية أقبل في ألف وخمسمائة حتى صار بالنخيلة، فوجه إليه معاوية خيلا، فكشفهم، فأخذ معاوية أهل الكوفة بالخروج إليهم، فخرجوا خوفا منه، فلما لقوهم قال لهم فروة بن نوفل:
دعونا فإن معاوية عدونا وعدوكم، فقاتلهم أهل الكوفة أشد قتال، حتى قتل فروة، وأفرخ روع معاوية.
ورجع معاوية إلى الشأم سنة 41، وبلغه أن طاغية الروم قد زحف في جموع كثيرة وخلق عظيم، فخاف أن يشغله عما يحتاج إلى تدبيره وإحكامه، فوجه إليه، فصالحه على مائة ألف دينار.
وكان معاوية أول من صالح الروم. وكان صلحه إياهم في أول سنة 42، فلما استقام الامر لمعاوية أغزى أمراء الشأم على الصوائف، فسبوا في بلاد الروم سنة بعد سنة، وقد ذكرنا أسماءهم في موضع الصوائف. وطلب صاحب الروم الصلح على أن يضعف المال، فلم يجبه.
وولى عبد الله بن عامر بن كريز البصرة، فلما قدمها وجه عبد الرحمن ابن سمرة إلى خراسان، فغزا بلخ وكابل، ومعه عبد الله بن خازم السلمي، فافتتح بلخ بعد حرب شديدة، وصار إلى كابل، فأقام عليها ليالي، ثم أتاه بواب باب المدينة، فجعل له شيئا حتى فتح الباب، وكانت الحرب في المدينة،