ثم طلبوا الصلح، فصالحهم ابن سمرة، وانصرف وخلف ابن خازم بخراسان.
وولى معاوية عبد الله بن دراج مولاه خراج العراق، وكتب إليه: احمل إلى من مالها ما أستعين به! فكتب إليه ابن دراج يعلمه أن الدهاقين أعلموه أنه كان لكسرى وآل كسرى صوافي يجتبون مالها لأنفسهم ولا تجري مجرى الخراج، فكتب إليه: أن أحص تلك الصوافي واستصفها، واضرب عليها المسنيات، فجمع الدهاقين، فسألهم، فقالوا: الديوان بحلوان. فبعث فأتى به، فاستخرج منه كل ما كان لكسرى وآل كسرى، وضرب عليه المسنيات، واستصفاه لمعاوية، فبلغت جبايته خمسين ألف ألف درهم من أرض الكوفة وسوادها.
وكتب إلى عبد الرحمن بن أبي بكرة بمثل ذلك في أرض البصرة، وأمرهم أن يحملوا إليه هدايا النيروز والمهرجان، فكان يحمل إليه في النيروز وغيره وفي المهرجان عشرة آلاف ألف.
وكان زياد بن عبيد عامل علي بن أبي طالب على فارس، فلما صار الامر إلى معاوية كتب إليه يتوعده ويتهدده، فقام زياد خطيبا فقال: إن ابن آكلة الأكباد وكهف النفاق وبقية الأحزاب كتب يتوعدني ويتهددني، وبيني وبينه ابنا بنت رسول الله في تسعين ألفا واضعي قبائع سيوفهم تحت أذقانهم لا يلتفت أحدهم حتى يموت، أما والله لئن وصل إلي ليجدني أحمز، ضرابا بالسيف.
فوجه معاوية إليه المغيرة بن شعبة، فأقدمه ثم ادعاه، وألحقه بأبي سفيان، وولاه البصرة، وأحضر زياد شهودا أربعة، فشهد أحدهم أن علي بن أبي طالب أعلمه أنهم كانوا جلوسا عند عمر بن الخطاب حين أتاه زياد برسالة أبي موسى الأشعري، فتكلم زياد بكلام أعجبه، فقال: أكنت قائلا للناس هذا على المنبر؟ قال: هم أهون علي منك، يا أمير المؤمنين، فقال أبو سفيان:
والله لهو ابني، ولانا وضعته في رحم أمه، قلت: فما يمنعك من ادعائه؟
قال: مخافة هذا العير الناهق.