راجعون على عظم الخطب وجليل المصاب، أما والله يا معاوية لئن كان الحسن مات، فما ينسئ موته في أجلك، ولا يسد جسمه حفرتك، ولقد مضى إلى خير وبقيت على شر. قال: لا أحسبه قد خلف إلا صبية صغارا. قال: كلنا كان صغيرا فكبر. قال: بخ بخ، يا ابن عباس، أصبحت سيد قومك.
قال: أما ما أبقى الله أبا عبد الله الحسين بن رسول الله، فلا.
وكان الحسن بن علي جوادا كريما وأشبه برسول الله خلقا وخلقا وسئل الحسن: ماذا سمعت من رسول الله؟ فقال: سمعته يقول لرجل: دع ما يريبك، فإن الشر ريبة والخير طمأنينة. وعقلت عنه أني بينا أنا أمشي معه إلى جنب جرن الضيقة، تناولت تمرة فأدخلتها في فمي. قال: فأدخل رسول الله إصبعه في فمي، فاستخرجها، فألقاها، وقال: إن محمدا وآل محمد لا تحل لهم الصدقة. وعقلت عنه الصلوات الخمس.
وحج الحسن خمس عشرة حجة ماشيا، وخرج من ماله مرتين، وقاسم الله عز وجل ثلاث مرات، حتى كان يعطي نعلا ويمسك نعلا، ويعطي خفا ويمسك أخرى.
وقال معاوية للحسن: يا أبا محمد ثلاث خلال ما وجدت من يخبرني عنهن.
قال: وما هن؟ قال: المروة، والكرم، والنجدة. قال: أما المروة فإصلاح الرجل أمر دينه، وحسن قيامه على ماله، ولين الكف، وإفشاء السلام والتحبب إلى الناس. والكرم العطية قبل السؤال، والتبرع بالمعروف، والاطعام في المحل، ثم النجدة الذب عن الجار والمحاماة في الكريهة والصبر عند الشدائد.
وقال جابر: سمعت الحسن يقول: مكارم الأخلاق عشر: صدق اللسان، وصدق البأس، وإعطاء السائل، وحسن الخلق، والمكافأة بالصنائع، وصلة الرحم، والتذمم على الجار، ومعرفة الحق للصاحب، وقرى الضيف، ورأسهن الحياء.
وقيل للحسن: من أحسن الناس عيشا؟ قال: من أشرك الناس في عيشه.