إني فيكم كالكهف لأهل الكهف، وإني فيكم باب حطة من دخل منه نجا، ومن تخلف عنه هلك، حجة من ذي الحجة في حجة الوداع، إني قد تركت بين أظهركم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي.
وحكم بأحكام عجيبة، حتى إنه حرق قوما، ودخن على آخرين، وقطع بعض أصابع اليد في السرقة، وهدم حائطا على اثنين وجدهما على فسق، وكان يقول: استتروا ببيوتكم، والتوبة وراءكم، من أبدى صفحته للحق هلك، إن الله أدب هذه الأمة بالسوط والسيف، وليس لاحد عند الامام هوادة.
وقدم عبد الرحمن بن ملجم المرادي الكوفة لعشر بقين من شعبان سنة 40، فلما بلغ عليا قدومه قال: وقد وافى؟ أما إنه ما بقي علي غيره، هذا أوانه، فنزل على الأشعث بن قيس الكندي. فأقام عنده شهرا يستحد سيفه، وكانوا ثلاثة نفر توجهوا. فواحد منهم إلى معاوية بالشأم، وآخر إلى عمرو بن العاص بمصر، والآخر إلى علي، وهو ابن ملجم، فأما صاحب معاوية فضربه، فوقعت الضربة على أليته، وبادر فدخل داره، وأما صاحب عمرو بن العاص فإنه ضرب خارجة بن حذافة خليفة عمرو في الصبح، وكان عمرو تخلف لعلة، فقال الخارجي: أردت عمرا وأراد الله خارجة، وأما عبد الرحمن بن ملجم، فإنه وقف له عند المسجد، وخرج علي في الغلس، فتبعه إوز كن في الدار، فتعلقن بثوبه، فقال: صوائح تتبعها نوائح، وأدخل رأسه من باب خوخة المسجد، وضربه على رأسه، فسقط، وصاح: خذوه! فابتدره الناس، فجعل لا يقرب منه أحد إلا نفحه بسيفه، فبادر إليه قثم بن العباس، فاحتمله وضرب به الأرض، فصاح: يا علي نح عني كلبك، وأتى به إلى علي، فقال: ابن ملجم؟ قال: نعم! فقال: يا حسن شأنك بخصمك، فأشبع بطنه، واشدد وثاقه، فإن مت فألحقه بي أخاصمه عند ربي، وإن عشت فعفو أو قصاص.
وأقام يومين ومات ليلة الجمعة أول ليلة من العشر الأواخر من شهر رمضان سنة 40، ومن شهور العجم في كانون الآخر، وهو ابن ثلاث وستين سنة،