بخليفة رسول الله من قولك خلى على الناس أمورهم ليختاروا فاختاروك، فأما ما قلت إنك تجعله لي، فإن كان حقا للمؤمنين، فليس لك أن تحكم فيه، وإن كان لنا فلم نرض ببعضه دون بعض، وعلى رسلك، فإن رسول الله من شجرة نحن أغصانها وأنتم جيرانها. فخرجوا من عنده.
وكان فيمن تخلف عن بيعة أبي بكر أبو سفيان بن حرب، وقال: أرضيتم يا بني عبد مناف أن يلي هذا الامر عليكم غيركم؟ وقال لعلي بن أبي طالب:
امدد يدك أبايعك، وعلي معه قصي، وقال:
بني هاشم لا تطمعوا الناس فيكم * ولا سيما تيم بن مرة أو عدي فما الامر إلا فيكم وإليكم، * وليس لها إلا أبو حسن علي أبا حسن، فاشدد بها كف حازم، * فإنك بالامر الذي يرتجى ملي وإن امرأ يرمي قصي وراءه * عزيز الحمى، والناس من غالب قصي وكان خالد بن سعيد غائبا، فقدم فأتى عليا فقال: هلم أبايعك، فوالله ما في الناس أحد أولى بمقام محمد منك. واجتمع جماعة إلى علي بن أبي طالب يدعونه إلى البيعة له، فقال لهم: اغدوا على هذا محلقين الرؤوس. فلم يغد عليه إلا ثلاثة نفر.
وبلغ أبا بكر وعمر أن جماعة من المهاجرين والأنصار قد اجتمعوا مع علي بن أبي طالب في منزل فاطمة بنت رسول الله، فأتوا في جماعة حتى هجموا الدار، وخرج علي ومعه السيف، فلقيه عمر، فصارعه عمر فصرعه، وكسر سيفه، ودخلوا الدار فخرجت فاطمة فقالت: والله لتخرجن أو لأكشفن شعري ولا عجن إلى الله! فخرجوا وخرج من كان في الدار وأقام القوم أياما.
ثم جعل الواحد بعد الواحد يبايع، ولم يبايع علي إلا بعد ستة أشهر وقيل أربعين يوما.