عليكم، فإني أحمد إليكم الله، أما بعد، فإني قد استعملت عليكم عمر بن الخطاب، فاسمعوا، وأطيعوا، وإني ما ألوتكم نصحا، والسلام.
وقال لعمر بن الخطاب: يا عمر، أحبك محب وأبغضك مبغض. فلئن أبغض الحق، فلقديما ما، ولئن استمر في الباطل، فلربما.
ودخل عبد الرحمن بن عوف في مرضه الذي توفي فيه. فقال: كيف أصبحت يا خليفة رسول الله؟ فقال: أصبحت موليا، وقد زدتموني على ما بي ان رأيتموني استعملت رجلا منكم فكلكم قد أصبح وارم أنفه، وكل يطلبها لنفسه. فقال عبد الرحمن: والله ما أعلم صاحبك إلا صالحا مصلحا، فلا تأس على الدنيا! قال: ما آسى إلا على ثلاث خصال صنعتها ليتني لم أكن صنعتها، وثلاث لم أصنعها ليتني كنت صنعتها، وثلاث ليتني كنت سألت رسول الله عنها، فأما الثلاث التي صنعتها، فليت أني لم أكن تقلدت هذا الامر. وقدمت عمر بين يدي، فكنت وزيرا خيرا مني أميرا، وليتني لم أفتش بيت فاطمة بنت رسول الله وأدخله الرجال، ولو كان أغلق على حرب، وليتني لم أحرق الفجاءة السلمي، إما أن أكون قتلته سريحا، أو أطلقته نجيحا، والثلاث التي ليت أني كنت فعلتها، فليتني قدمت الأشعث بن قيس تضرب عنقه، فإنه يخيل إلي أنه لا يرى شيئا من الشر إلا أعان عليه، وليت أني بعثت أبا عبيدة إلى المغرب وعمر إلى أرض المشرق فأكون قدمت يدي في سبيل الله، وليت أني ما بعثت خالد بن الوليد إلى بزاخة، ولكن خرجت فكنت ردأ له في سبيل الله.
والثلاث التي وددت أني سألت رسول الله عنهن: فلمن هذا الامر، فلا ينازعه فيه، وهل للأنصار فيه من شئ، وعن العمة والخالة أتورثان أو لا ترثان، وإني ما أصبت من دنياكم بشئ، ولقد أقمت نفسي في مال الله وفئ المسلمين مقام الوصي في مال اليتيم إن استغنى تعفف، وإن افتقر أكل بالمعروف، وإن والي الامر بعدي عمر بن الخطاب، وإني استسلفت من بيت المال مالا، فإذا مت فليبع حائطي في موضع كذا وليرد إلى بيت المال.