فلما انتهى قوله إلى أبي بكر رق له، وبعث إليه، فرجع، وقد هلك أبو بكر، وقام عمر على قبره. وبعث به مع سعد بن أبي وقاص إلى العراق، وأمره أن لا يستعمله.
وأما الأسود بن عنزة العنسي، فقد كان تنبأ على عهد رسول الله، فلما بويع أبو بكر ظهر أمره، واتبعه على ذلك قوم، فقتله قيس بن مكشوح المرادي وفيروز الديلمي، دخلا عليه منزله، وهو سكران، فقتلاه.
وقد كان أبو بكر عقد لشرحبيل بن حسنة، وأمره أن يقصد لمسيلمة الكذاب وألا يأتيه رأيه، ثم عقد لخالد وبعثه على شرحبيل، فكتب خالد إلى شرحبيل: ألا تعجل حتى آتيك! ونفذ خالد بن الوليد مسرعا إلى اليمامة، إلى مسيلمة الحنفي الكذاب، وكان قد أسلم ثم تنبأ في سنة 10، وزعم أنه شريك لرسول الله في النبوة، وكان كتب إلى رسول الله: إني أشركت معك، فلك نصف الأرض، ولي نصفها، ولكن قريش قوم لا يعدلون. فكتب إليه رسول الله: من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب: أما بعد فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين، فلقي خالد مجاعة في جماعة، فأسرهم وضرب أعناقهم، واستبقى مجاعة، وزحف إلى مسيلمة، فخرج مسيلمة فقاتله بمن معه من ربيعة وغيرها قتالا شديدا، وقتل من المسلمين خلق عظيم، ثم قتل مسيلمة في المعركة، طعنه أبو دجانة الأنصاري، فمشى إليه مسيلمة في الرمح فقتله، ورماه وحشي بحربته فقتله، وهو يومئذ ابن مائة وخمسين سنة.
وأتى مجاعة الحنفي إلى خالد، فأوهمه أن في الحصن قوما بعد، وقال:
ما أتاك إلا سرعان الناس، ودعا إلى الصلح فصالحهم خالد على الصفراء والبيضاء ونصف السبي، ثم نظروا وليس في الحصن أحد إلا النساء والصبيان، فألبسهم السلاح ووقفهم على الحصون، ثم أشار إلى خالد فقال: أبوا علي، فتأخذ الربع؟ ففعل ذلك خالد، وقبل منهم. فلما فتحت الحصون لم يجد إلا النساء والصبيان فقال: أمكرا يا مجاعة؟ قال: إنهم قومي. وأجاز لهم وافتتحت