قط. ثم قال:
لعمري لقد أيقنت أنك ميت * ولكنما أبدى الذي قلته الجزع ولم يخلف من الولد إلا فاطمة، وتوفيت بعده بأربعين ليلة، وقال قوم بسبعين ليلة، وقال آخرون ثلاثين ليلة، وقال آخرون ستة أشهر، وأوصت عليا زوجها أن يغسلها، فغسلها وأعانته أسماء بنت عميس، وكانت تخدمها وتقوم عليها، وقالت: ألا ترين إلى ما بلغت؟ أفأحمل على سرير ظاهرا؟
قالت: لا لعمري، يا بنت رسول الله، ولكني أصنع لك شيئا كما رأيته يصنع بالحبشة. قالت: فأرينيه! فأرسلت إلى جرائد رطبة فقطعتها، ثم جعلتها على السرير نعشا، وهو أول ما كانت النعوش، فتبسمت، وما رئيت متبسمة إلا يومئذ، ودفنت ليلا، ولم يحضرها أحد إلا سلمان وأبو ذر، وقيل عمار.
وكان بعض نساء رسول الله أتينها في مرضها فقلن: يا بنت رسول الله!
صيري لنا في حضور غسلك حظا! قالت: أتردن تقلن في كما قلتن في أمي؟
لا حاجة لي في حضوركن.
ودخل إليها في مرضها نساء رسول الله وغيرهن من نساء قريش فقلن:
كيف أنت؟ قالت: أجدني والله كارهة لدنياكم، مسرورة لفراقكم، ألقى الله ورسوله بحسرات منكن، فما حفظ لي الحق، ولا رعيت مني الذمة، ولا قبلت الوصية، ولا عرفت الحرمة، وكان سنها ثلاثا وعشرين سنة.