وكان ممن تنبأ طليحة بن خويلد الأسدي بنواحيه، وكان أنصاره غطفان، ورئيسهم عيينة بن حصن الفزاري، والأسود العنسي باليمن، ومسيلمة بن حبيب الحنفي باليمامة، وسجاح بنت الحارث التميمية، ثم تزوجت بمسيلمة، وكان الأشعث بن قيس مؤذنها. فخرج أبو بكر في جيشه إلى ذي القصة. ودعا عمرو بن العاص فقال: يا عمرو إنك ذو رأي قريش، وقد تنبأ طليحة.
فما ترى في علي؟ قال: لا يطيعك! قال: فالزبير؟ قال: شجاع حسن!
قال: فطلحة؟ قال: للخفض والطعن! قال: فسعد؟ قال: محش حرب!
قال: فعثمان؟ قال: أجلسه واستعن برأيه! قال: فخالد بن الوليد؟ قال:
بسوس للحرب، نصير للموت. له أناة القطاة، ووثوب الأسد. فلما عقد له قام ثابت بن قيس بن شماس فقال: يا معشر قريش، أما كان فينا رجل يصلح لما تصلحون له؟ أما والله ما نحن عميا عما نرى، ولا صما عما نسمع، ولكن أمرنا رسول الله بالصبر، فنحن نصبر. وقام حسان فقال:
يا للرجال لخلفة الأطوار * ولما أراد القوم بالأنصار لم يدخلوا منا رئيسا واحدا * يا صاح في نقض ولا إمرار فعظم على أبي بكر هذا القول، فجعل على الأنصار ثابت بن قيس، وأنفذ خالدا على المهاجرين، فقصد طليحة ففرق جمعه، وقتل خلقا من أتباعه، وأخذ عيينة بن حصن، فبعث به إلى أبي بكر مع ثلاثين أسيرا، وهو مكبل بالحديد، فجعل الصبيان يصيحون به لما دخل المدينة. يا مرتد! فيقول: ما آمنت طرفة عين قط! فاستتابه وأطلق سبيله، ولحق طليحة بالشأم، وجاور بني حنيفة، وبعث بشعر إلى أبي بكر يعتذر إليه، ويراجع الاسلام، يقول فيه:
فهل يقبل الصديق أني مراجع * ومعط بما أحدثت من حدث يدي وأني من بعد الضلالة شاهد * شهادة حق لست فيها بملحد